بقلم: جوان ملا

منذ إعلان شركة كلاكيت عن مسلسل “كسر عضم” للمخرجة رشا شربتجي حتى كان الجمهور السوري بالتحديد متشوقاً لمشاهدة العمل، لأسباب أساسية أولها طبعاً اسم المخرجة التي قدمت للدراما السورية أفضل الأعمال الاجتماعية وأهمها، مثل “زمن العار، ولادة من الخاصرة، اشواك ناعمة، غزلان في غابة الذئاب، بنات العيلة” وغيرها من الأعمال التي كانت كلها جماهيرية حرفياً، وثاني سبب هو شركة كلاكيت التي كانت شريكة مع رشا في هذا النوع من المسلسلات لا سيما ثلاثية الولادة.


وبعد غياب اثني عشر عاماً عاد التعامل بين المخرجة والشركة في حكاية تتناول مأساة السوريين بعد الحرب وصراع الخير والشر، لكن التخوف كان حاضراً بسبب اسم الكاتب علي معين صالح كونها أول تجربة درامية له

قبل العرض:

مع بداية التحضيرات لتصوير العمل كان المسلسل مادة دسمة للصحافة بسبب تداول كثيف لأسماء المرشحين لبطولته لا سيما شخصيات الحكم، عبلة، وريان وكلما وصل النص ليد فنان ينتشر الخبر بسرعة، لا ندري إن كان هذا نوع من الترويج المقصود أم أنه مصادفة إلا أن صفحات وسائل التواصل كانت تتصيد الأخبار وتحاول معرفة من سيلعب البطولة، وعموماً تم ترشيح أيمن زيدان، فراس ابراهيم، رشيد عساف، بسام كوسا لشخصية الحكم إلى أن وصلت في النهاية للفنان فايز قزق، أما شخصية عبلة فقد وصلت لكاريس بشار بعد أن رُشِّحَ للعمل أسماء عدة منهم الفنانة سوزان نجم الدين، في حين كان الفنان محمود نصر آخر المنسحبين من دور ريان لارتباطه بمسلسل فورمات “حرب الورود” في تركيا، فكان الجدل مُثاراً حتى قبل العرض عن سبب كثرة الانسحابات تلك وكيف وصلت للناس بهذه البساطة

الواقع بدون تجميل:

تناول العمل حكايا مختلفة يتصارع فيها الخير مع الشر بين منظومة الفساد المتحكمة في عدد من مفاصل مؤسسات الدولة من قبل أشخاص متخفين بحصاناتهم، والناس البسطاء الذين يحاولون رد هذا الأذى عنهم كي لا تتلطخ أيديهم بالسواد، ومن هنا تنطلق الحكاية في محاولة كل طرف لكسر عضم الآخر.
نحن أمام مجموعة شخوص طحَنَتْها الحرب والظروف المادية الصعبة والعار وغيرها، ومتنفذون يسعون لخراب كل شيء كي يبقوا في مناصبهم ليسلط العمل الضوء ضمن حوارات صدامية ربما هي الأقوى هذا الموسم على ما يعانيه الشباب السوري من مشاكل السفر والهرب من الخدمة الإلزامية وتأمين المستقبل ومتطلبات العيش عبر الخط الدرامي الأقوى في المسلسل “علاء، سومر، إيليا”، فدخلت أحاديثهم السوشال ميديا بحروفها لأنها بالأصل كانت حديث الشريحة الأكبر من السوريين عبر وسائل التواصل، بالإضافة لتصوير الفساد المستشري في الجامعات، والمؤسسات وبعض الأشخاص في السلطة ومحاولة النزيهين محاربة الفاسدين، مع خطوط ثانوية متشعبة تجول في حكايا بنات الهوى وسَلكهنّ هذا الطريق، مع إظهار بذرة الخير والشرف فيهنّ في رسالة مفادها أن الشرف لا يكون بين أفخاذ النساء، بل بما هو أهم من ذلك، فضلاً عن طرح مشاكل الفساد في السلك الحقوقي والقضائي.


قد لا تكون حكاية العمل جديدة بالمطلق على الدراما السورية، فهذا النوع من الأعمال طُرح قبلاً في عدة مسلسلات منها غزلان في غابة الذئاب، ولادة من الخاصرة، لعنة الطين، سوق الورق، أحقاد خفية، وكانت بغالبها جدلية ومتابَعة لأن المجتمع العربي عموماً والسوري خصوصاً يحب أن يتابع هذا النوع من الحكايا الحقيقية التي تلامسه والتي يمكن إسقاطها على كل واقع عربي، فجاء كسر عضم ليعيد هذا النوع من الأعمال للواجهة ويثبت أنها الأكثر ملامسةً للواقع والأكثر احتضاناً من الجمهور

الترند في كل حلقة:

من يتابع السوشال ميديا يلاحظ وجود صفحات سورية وعربية هائلة روّجت للمسلسل عند كل حلقة، قد يكون هذا عفوياً وقد لا يكون، لكنه بالمحصلة شكّل موجة ترندات متواصلة، كانت الحوارات الحقيقية أحد أسبابها، بالإضافة لموت شخصيات بشكل مفاجئ كحادث انتحار ريان، و ذبح نهى، عدا عن شخصية علاء التي لعبها حسن خليل والتي أغرت الجمهور لاصطياد اللايكات عن طريقه كونه الشخصية ذات الضوء اللامع في المسلسل، وما زاد الطين بلة وهو ما خدم الترويج للمسلسل أكثر، هو اتهام الكاتب فؤاد حميرة لشركة كلاكيت ورشا شربتجي بسرقة أفكار من نص قديم له كادت تخرجه شربتجي بعنوان “حياة مالحة” الأمر الذي أدى إلى تبعات كثيرة وإصدار بيانات و حدوث جدال كبير بين الطرفين لم يُفضِ إلا إلى شيء واحد، هو متابعة أكبر للعمل من باب الفضول ومعرفة ما يجري.


تلاهُ بعد ذلك بيان من نقابة المحامين يتهم فيه المسلسل بتشويه صورة المحاماة، وأخبار عن نية المتنبئ مايك فغالي لرفع دعوى قضائية على المسلسل بعد أن تم التهكم عليه في أحد المشاهد، فضلاً عن طرق الانتحار الغريبة في والقتل والأحداث غير المتوقعة، الأمر التي أثارت في كل مرة الجدل وأحدثت زوبعة من التعليقات.

الشباب نجوم والنجوم ضيوف:


أغنت المخرجة رشا شربتجي العمل بوجوه شابة ارتكز المسلسل عليهم تماماً، لتعطي الفرصة كعادة أغلب المخرجين الكبار للشباب، وكسبت فيهم الرهان لتثبت أنها قادرة على إدراة الممثل بنجاح حتى ولو ظهر أول مرة على الشاشة، فقد تعرّف الجمهور على حسن خليل الشاب المجتهد خريج المعهد العالي للفنون المسرحية والذي تركت شخصيته أثراً كبيراً في نفوسهم لما فيها من أداء حاضر ومقاربة من الواقع، في حين قدم يزن الريشاني ويوشع محمود، شخصيتين متضادتين برعا في أداءها وكانا كرتين رابحين في العمل بمفردات مختلفة لكل شخصية على حِدة.


في حين أعاد المسلسل ولاء عزام للدراما السورية بعد ابتعادها ودخولها مسلسل الميراث الخليجي فترة طويلة، لتثبت هذه الصبية قدراتها بشكل أكبر في عمل مهم وتنجح بالإقناع، وكانت عودة نور علي لهذا النوع من الأعمال مهماً لها كونها بقيت فترة طويلة في أعمال سطحية بتركيا لا تليق بها، فكانت خطوة نوعية تحتاجها ولعبت على شخصية يمنى بطريقة ذكية تثبت أنها ممثلة جيدة حين توضع في المكان الصحيح، ورغم كل الأعمال التي قدمتها نانسي خوري مع مخرجين مهمين مثل حاتم علي و الليث حجو، إلا أن شخصية بنت الليل “نهى” لن ينساها الناس أكثر من باقي الأعمال لأنها شخصية فاقعة ونافرة وانتهت بطريقة مؤسفة، كما تقمصتها نانسي بحرفية عالية وأدتها بلمسة كوميدية أضافت بهجة ضرورية، كما تعرفنا على إياد عيسى كوجه جديد هادئ بشخصية متوازنة إلا أن شخصية دانيال كانت الأضعف مقارنةً بغيرها لأنها غير مركبة أو نافرة ولا تتطلب جهداً عكس باقي الشخصيات في العمل، الأمر الذي جعل من إياد يظهر كصاحب الحظ الأقل ممن حوله.


وفي الوقت الذي أقنعَنا فيه مجد المصري بشخصية الشاب “العَوَنطجي” بأداء مهم ومدروس، استطاع بلال قطان أن يوحي لنا بأنه المظلوم والبريء والذي يبحث عن طوق نجاة، وقدم المسلسل لنا أيضاً الشاب ليث كحيل كوجه محبب على الشاشة وقريب من القلب لكنه مازال بحاجة وقت أكبر كي يمتلك الأدوات اللازمة للإقناع خصوصاً أن مشاهده “الماستر” أثناء موت أخيه لم تكن جيدة.


ولم تكن راما زين العابدين على قدر التوقعات، تحتاج لعدة أدوار كي تَصقلَ نفسها وأدواتها أكثر، كما أن خط شخصية ردينة التي لعبتها إليانا سعد كان مسلوقاً على عجل بشكل واضح، وكأنه مقحَم في المسلسل، فلم تُعطَ إليانا حقها ولم تكن الشخصية مضبوطة جيداً.


وإذا ما ركزنا على الأبطال النجوم في المسلسل فلا بد أن نشيد أولاً بنادين تحسين بيك، فهي التي كانت الرابح الأكبر في العمل، بأداء عفوي لطيف هادئ عوّدتنا عليه ولكنها في كل مرة تبهرنا فيه، هي صاحبة السهل الممتنع فلا تستطيع فنانة أن تكون كما نادين، لتضيف شمس نكهة “ولا أهضم” للعمل رغم ماضيها الأسود، في حين لم تكن شخصية كاريس بشار فاعلة كثيراً، وربما تكمن المشكلة في بناء شخصية عبلة اسماعيل بحد ذاتها، فكانت كاريس تقدم الدور بشكل عادي لا إبهار فيه إلا بمشاهد قليلة جداً، وهذا ما لم تعوِّدنا عليه سابقاً، فالشخصية تستطيع أن تؤديها فنانات كثر، لا كاريس فقط والتي كانت تُكتَب شخصيات كاملة على اسمها.


لكن العمل أبرَزَ الفنان القدير فايز قزق كبطل حقيقي قادر على حمل مسلسل على عاتقه، وقدم احترافية نادين خوري التي لم نتفاجأ بها لأنها حاضرة دوماً منذ سنوات، لكن فاجأَنا كرم الشعراني بـ “أبو مريم”، والتي استطاع أن يستحوذ على أدواتها ويقدمها بطريقة تنبئ عن فنان متمكن حان الوقت كي يتصدر الساحة بعد عدة خيارات مهزوزة، ومن المؤكد أن الجمهور لن ينسى أبو مريم بعد اليوم.
وقد كان سامر اسماعيل يحتاج لهكذا دور ينصفه فقدمَه بسوية عالية بعد تراجع واضح في داون تاون، كما استطاع خالد القيش أن يلبس شخصية الضابط بأداء جيد لكنه مكرر، خصوصاً أنه لعب دور الضابط في نفس الموسم ثلاث مرات، وهو بحاجة للخروج بشكل تام من هذه الأدوار العام القادم كي لا يستنسخ نفسه أكثر

هشاشة “عضم”:

لا بد أن العمل استطاع أن يحقق جماهيرية واسعة، ونال استحسان الكثيرين، فالأحداث تشويقية ممتعة مفاجئة وصادمة ولا تكاد تهدأ، لكن بنفس الوقت لم يكن هو العمل المتكامل بسبب وجود ثغرات واضحة فيه بالسيناريو والإخراج أيضاً لاحظها المشاهد العادي.
فرغم الحوارات الممتعة والقريبة من الناس والتي حكت بلسانهم إلا أن السيناريو لم يكن محبوكاً بمتانة، فتاريخ الشخصيات غير واضح المعالم، عدا أن هناك أسئلة كانت حاضرة في ذهن الناس لم نجد عنها إجابة، أو تأخرت الإجابة عنها كثيراً، فلم نعرف عن عبلة اسماعيل سوى أنها زوجة عقيد متوفى، ولا نعرف من أين أتت لها كل هذه السلطة في البلاد، وإلى أن وصلنا الحلقة الثلاثين حتى علمنا كيف انتقل مرض الإيدز ليمنى، ولم نعرف كيف انتزع الحكم رحم عبلة ولماذا وكيف، لم نرَ سوى أنه استولى عليها وسجنها ليلة زفافها فقط، ولم يركز العمل على أن عبلة هي دكتورة جامعة إلا في نهايات المسلسل، ولم تُشبَع قصة الحب بينها وبين الرائد مروان حتى تنتهي بطلبه يدها، أما شخصية


ردينة صديقة شمس فكان خطها متهلهلاً ومفاجئاً ومقحَماً بالمسلسل، نجد أنفسنا فجأة أمام جريمة قتل غير مبررة، تنتهي بانتحار ردينة، ولا نلمح لمسة حزن ولو بسيطة من شمس على صديقتها بعد موتها، أصلاً لم نشاهدهما معاً سوى في مشهدين قبل الجريمة، كما لم يُفتَح أي تحقيق بعد انتحارها داخل السجن، عدا عن عدم منطقية أن يقلبَ رجلٌ مسيحي دينه للإسلام لكي يتزوج من يحبها فتخونه مع رجل آخر ليقتلها عشيقها وتنتهي تضحية تغيير الدين بهذه الطريقة، ولا نعرف كيف استدلت يارا على بيت أخيها إيليا وهي لم تعرفه مسبقاً ولم يرها طيلة حياته، وحتى منصب الحكم هو غير مفهوم ومبهم ولا نعرف مدى أهميته في السلطة ليكون لديه كل هذه القيمة والأتباع، ولم يكن من المنطقي خروج يمنى من القبر وهي حية، بعد أن مضت وقتاً طويلاً في ثلاجة الموتى وتخدرت بجرعة زائدة ومناعتها أصلاً ضعيفة بسبب إصابتها بالأيدز، ولم نجد مبرراً لعدم قتلها فوراً، ناهيك عن تكرار كلمة “كسر عضم” على لسان كل الشخصيات وهي بالأصل كلمة غير مكرورة في الواقع المحكي السوري، عدا عن المبالغة بنظرات الحب بين ريم وإيليا وبين دانيال وشمس، فالحب بين هاتين الثنائيتين كان سريعاً والنظرات مبالغ بها جداً، فحُب النظرة الأولى بات شبه مستحيل في زمنٍ أصبح فيه العشق افتراضياً يبدأ بمحادثة على مسنجر وقد ينتهي بـ “بلوك” أي أنه لم يعد يُقاس بهذه الطريقة القديمة التي قدمها المسلسل، كما لا يوجد توزيع جيد للشخصيات على مدار الحلقات، فقد يمر حلقتين كاملتين دون أن تظهر شخصية رئيسة في العمل، ليختفي خط درامي عدة حلقات ويبرز آخر فكان التوازن والتزمين غير مضبوطَين.


هذه كلها تفاصيل أو أسئلة كانت بحاجة لأجوبة أو مبررات منطقية خصوصاً أن المخرجة هي رشا شربتجي سيدة التفاصيل والتي لم تخِب نظرتها يوماً في أعمالها السابقة، وعموماً من الخطأ أن ينسَب العمل لها فقط، لأن هناك وحدتين إخراجيتين فُتِحتا مع وحدتها للّحاق بالموسم لم تشرف عليهما لضيق الوقت، ما جعل المَشاهد في كل حلقة متفاوتة بين المدروسة والسريعة، وبين المونتاج الهادئ والمقطوع فجأة، وربما لو عرفت المخرجة شربتجي أن هناك أخطاء راكورات سيلاحظها الجمهور وأن قصقصة العمل المكتوب بالأصل في أكثر من خمسين حلقة على مدار جزأين وتحويله لثلاث وثلاثين حلقة بجزء واحد سيؤثر على بنية المسلسل لما كانت أقدمت على إخراجه بهذه السرعة، أو أجّلته إلى رمضان القادم خصوصاً أنها تبنّت النص للأقصى مع المختصة بالدراما رانيا الجبان بعد أن كان نِتاج ورشة دراما رود للسيناريو والحوار وكان الكاتب أحد متدربيها، إلا أن إلحاح الشركة وتوقيع العقود لعرض المسلسل في رمضان 2022 جعلها تسرع في التنفيذ لينتهي تصوير العمل مع انتهاء رمضان، الأمر الذي جعل من المسلسل لا يخلو من ثغرات لم نعتد عليها من مخرجة متمرسة وهو ما اعترفت به رشا نفسها في لقاء لها مؤخراً.
لكن الجمهور مَرّرَ كل ذلك وتغاضى عنه نتيجة محبته للأحداث وملامستها للواقع ولِما قدمته رشا لهم كل السنوات الماضية من أعمال أحبوها، فركزوا على الإيجابيات أكثر لأن القصة مشوقة والأحداث متسارعة والحوارات ذكية وكان هناك إدارة مهمة جداً لكل ممثل، ليظهر كل فنان بطريقة مغايرة عما اعتدنا عليه، وهذا ما تبرع به شربتجي عموماً، فهي أشهر من صدّرَ النجوم السوريين للساحة الفنية ووضعتهم في مكانهم الصحيح منذ بدء مسيرتها.

نهاية مثالية:

لم تكن الحلقة الأخيرة مقنعة بما فيه الكفاية، فهي وردية وتجنح نحو الخيال قليلاً، لكن يبدو أن الكاتب علي معين صالح ارتأى ذلك بعد كل القسوة التي قدمها في المسلسل من قهر وظلم وموت وذبح.
فمن غير المنطقي أن تأخذ يارا حقها بهذه السهولة، وشخصية مثل الحكم من الصعب أن لا تجد لنفسها ألف باب للهروب من العقوبة، ربما علاقات الحب والزواج التي حدثت بين الشباب كانت الأكثر قابلية للتصديق.
وعموماً شفع العمل لنفسه حين كُتب عبارة “كم نتمنى أن تكون النهايات التي نصنعها في الدراما هي واقعنا فعلاً” في نهاية الحلقة الأخيرة، ليعترف صناع العمل أنفسهم أن الواقع لا حلول بسيطة له ولا نهايات سعيدة كثيراً في واقع سوداوي، لكن لم يشفع لشركة الإنتاج أنها قررت إنتاج جزء ثانٍ بعد موت ثلاثة أرباع الشخصيات محاوِلةً استجرار نجاحه وانتشاره، وهو الأمر غير المقبول بالعموم، فغالباً ما تكون الأجزاء الثانية أضعف من الأولى ولا تلقى ذات الرواج ولا تُصنَع بنفس الحبكة، لكن الجدل الذي أحدثه المسلسل في كل حلقة والترند الذي كان جزءاً من انتشاره على وسائل التواصل أغرى الشركة لتنفيذ جزء ثان تعوّل عليه كي تستسهل تسويقه وبيعه.

العمل برمّته شكّل حالة جدل كبيرة قد تكون عفوية أو مقحَمة لكن لا يمكن إنكار أن المسلسل قدمَ لنا كاتباً يستطيع صنع حوارات تشبهنا، وأعاد رشا شربتجي لحضن السوريين بعد غياب عن آخر عمل اجتماعي لها في سوريا وهو “شوق” 2016، فقد بنت المخرجة مع الجمهور السوري علاقة وطيدة منذ سنوات لم تخيبهم فيها، كما صدّر “كسر عضم” مجموعة شباب سوريين جدد قادرين على صنع الحكاية ليثبتوا أن سوريا ولادة لأسماء جديدة ولا تعوّل فقط على نجوم صدَّرتْهم سابقاً، فإن حضر نص جيد ومخرج مهم سنكون أمام عمل متميز.


وربما كان علي معين صالح الأكثر حظاً، فرغم الانقسام على نصه، والاتهامات التي تلقاها، إلا أنه ومن أول تجربة له ركّز دعائم لاسمه لتكون الأيام القادمة كفيلة بمعرفة إمكانيات هذا الشاب ونضجه في عالم السيناريو.

الصور بعدسة حسين يونس