إلى نورا رحال.. يا مدلّل أهلك شو سوّيت!

من سلسلة مقالات نجوم العيد مع شارل

إذا ما استوقفت أيَّ عابر سبيلٍ اليوم وسألته عن أسماء المغنيات السوريات الحاليات، سيذكر بدايةً ميادة الحناوي وميادة بسيليس وأصالة، ثم سيقفز مباشرةً إلى مغنيات الألفية الثالثة ليذكرهن، وتحديداً خريجات برامج المواهب، أما هي يبقى اسمها عصيّاً على الذكر رغم أن الجمهور يعرف أغنياتها ومسلسلاتها ومسرحياتها وشكلها الأنثوي اللطيف الذي حافظت عليه منذ البداية، إلا أن الفنان حين يسطع نجمه في فترةٍ معينة ثم يبتعد تماماً عن الأضواء يبقى اسمه عالقاً في تلك الفترة حتى وإن عاد.

استطاعت نورا رحال تحقيق جماهيرية عربية لا بأس بها من خلال العديد من الأغنيات والألبومات التي لم تتجاوز الأربعة، ولكنها كانت ناجحة ومع أكبر شركات الإنتاج العربية مثل “روتانا” و “ميجا ستار” و “ميوزك ماستر”، ومنذ نهاية فترة التسعينات وانتشار الفضائيات والأقراص الليزرية والبرامج الحوارية، شاهدنا صاحبة أغنية “سلملي قلبك” في أكثر من مهرجان ولقاء، وثبّتت أقدامها كنجمة سورية حاضرة، وتزامنت مسيرتها الغنائية منذ البداية مع تجاربها التمثيلية التي بدأتها في مسلسل “سفر” عام 1998 (تأليف أحمد حامد/ إخراج حاتم علي)، وكان لها تجربة سينمائية مصرية يتيمة بعنوان “مجنون أميرة” عام 2009 (تأليف أشرف شتيوي ومصطفى محرم/ إخراج إيناس الدغيدي) الذي تناول قصة الأميرة ديانا بطريقةٍ مختلفة ولم يحقق النجاح، وقد ترافق مع فترة مرضها بسرطان الثدي الذي استمر لسنوات واستقرت على إثره في اليونان مع زوجها وأولادها كي تتعالج، ولكن مخرجة العمل عبّرت عن ندمها على هذه التجربة وتحديداً فيما يخص الأبطال!

جسّدت نورا شخصية المغنية في الدراما أكثر من مرة، ومنها كحلقة واحدة في الجزء الأول من مسلسل “أهل الغرام” بعنوان “في يوم وليلة” عام 2006 (تأليف لبنى حداد وزهير قنوع/ إخراج الليث حجو)، وتناول قصة مغنية بدأت من حيٍ فقير وتزوجت الرجل الذي تُحب “بسام كوسا” الذي وقف عثرةً في طريق طموحاتها، وعنّفها بعد أن غيّرتها الشهرة، كما أنها غنّت شارة العمل في الجزأين والتي حملت عنوان “ألا حبّذا” بتوقيع المؤلف الموسيقي طاهر مامللي والذي اختار في الجزء الثالث أن يغيّر صوتها بصوتي شاب وفتاة.

كما أنها لعبت بطولة مسلسل “كوم الحجر” عام 2007 (تأليف كمال مرة/ إخراج رضوان شاهين) بشخصية “وردة” المغنية التي كانت تتواجد في قصور الشخصيات السياسية والأرستقراطية وتعرفت على أحمد “وائل شرف” وقررت أن تترك الفن وتتزوجه، ولكنها تعيش صراعاً بينه وبين أهله حتى أصبحت أرملة بعد وفاته، وغنّت في العمل العديد من الأغنيات التي نجحت بصوتها مثل “ربيتك صغيرون حسن”، “لبعث سلامي لسالم”، “البلبل ناغى” وغيرها.

غاب اسمها فترةً طويلة وعاد العام الماضي للتداول بعد أن أعاد الجمهور الاستماع لشارة مسلسل “أحلام كبيرة” حين رحل المخرج حاتم علي، والتي حققت نجاحاً كبيراً حين عُرِض العمل، خاصةً أن مسلسل “أثر الفراشة” الذي شاركت فيه قبل ثلاثة أعوام لم يحقق النجاح المطلوب أو يقدّمها بالطريقة اللائقة، ثم قررت صاحبة أغنية “لا تختبر صبري” العودة للأعمال الدرامية عبر شخصية السلطانة “سهام” في مسلسل جوقة عزيزة في الموسم الرمضاني الحالي (تأليف خلدون قتلان، إخراج تامر إسحاق)، والتي كانت يمنعها زوجها من الغناء في الأعراس حتى اقتنع في النهاية بأن تغني على “المرسح” وأمام الجميع.

قد تتقاطع الشخصية مع أعمالٍ سابقة من ناحية القصة ووقوف الزوج أمام طموح المغنية بالشهرة والمجد، ولكن هذه التجربة جاءت أضعف بكثير لأنها تركتها في حالة استكانة حتى الثلث الأخير من العمل دون أي مشهدٍ مؤثر يمكن أن يشدّ الجمهور لها، مقابل التركيز على بقية الخطوط الدرامية ولا سيّما عزيزة، وتداولت الصحافة أقاويل حول حذف بعض المشاهد والأغنيات من سهام لتقليص مساحة الدور ربما وهذا ما ألغى أي فرصة كي تصبح الشخصية ناجحة أو تضيف لنورا التي تستحق باسمها وموهبتها مساحةً أكبر كان من الممكن أن تنقذ العمل الذي لاقى انتقادات كبيرة منذ بداية عرضه، من النص وصولاً إلى أداء الممثلين.

قدمّت نورا استعراضاً مسرحياً وحيداً خلال العمل وفي الحلقات الأخيرة، ولكنه كان الأفضل من ناحية الكلمات والصوت والأداء الحقيقي لمطربة تعرف كيف تخاطب جمهورها دون الحاجة للرقص والاستعراض والألوان المبالغ فيها، وذكّرنا ديكور المسرح وتقسيم المقاعد والطاولات والأجواء العامة فيه بمسرح حفلات ” جار القمر” الذي وقفت نورا عليه وغنّت واحدة من أشهر أغنياتها “يقطعني عليك”، ولكن مع اختلاف حالة النجومية والتقدير حتى، وكأن كلمات أغنية الأمس تعبّر عن لسان حال نورا اليوم “يا مدلّل أهلك شو سوّيت!)، ولكن لا يزال الجمهور ينتظر عودتها الفعلية دون أن يقطعه عليها أي شيء.