باسم السلكا.. “على قيد الحب” مصالحة للجمهور مع العمل الاجتماعي

حوار: شذى الموعي

 كيف جرت عمليات تصوير “على قيد الحب”؟

 تيسّرت عمليات التصوير بجهود فريق العمل كاملاً، أمام وخلف الكاميرا، من ممثلين وفنيين كانوا فعلاً متفانين ومخلصين في عملهم ومؤمنين بالمشروع ضمن الظروف الصعبة التي يعيشها البلد اليوم.

* ضمن هذه الظروف الصعبة ما السمة العامة التي طغت على أيام التصوير؟

السمة العامة كانت الصراع الذي نعيشه يومياً بين الإحباط الموجود في المحيط وبين بصيصِ أملٍ نسعى إليه من خلال عملنا وعلاقتنا ببعض كفريق تصوير وإيماننا أنه لا يزال هناك فسحة من الأمل. كنا نسترجع هذا الأمل من خلال مشهدٍ ظريفٍ نقوم بتصويره، ثم يعود الركود مع ظهور مشكلة جديدة من مشاكل الحياة التي يعاني منها السوريون بشكل عام اليوم

. * ما أكثر الصعوبات التي واجهتكم كمخرجين هذا العام؟

حقيقةً أعتقد أنّ أغلب المخرجين عانوا من مشكلة التسويق. رغم أنّ هذا الموسم وحسب ما ظهر في الإعلانات الترويجية بدا واعداً بأعمال جيدة لأكثر من مسلسل على المستوى التقني والبصري والفني وأسماء النجوم والمخرجين. لكن المفاجأة كانت في عدم استقبال المحطات ذات الأسماء الرنانة لهذه الأعمال، وحديثي هنا عن الوسط داخل سورية وخارجها أيضاً. فهنالك شركات عربية عُرِفَت بإنتاج عملين أو ثلاثة كل موسم، غابت هذا العام تماماً، فكان الأمر مخيّباً ومحبطاً صراحةً. نأمل أن تُحلّ هذه المشكلة في الأعوام القادمة.

* تشهد سورية اليوم زيادة في عدد ساعات التقنين مقارنةً بالعام الماضي، كيف أثّر ذلك على سرعة التصوير؟

 بوجود الكهرباء أو عدمها نعتمد عادةً في التصوير على مولدات خاصة، لكن المشكلة الواضحة كانت هذا العام في عدم توفر الوقود، الأمر الذي عطّل التصوير أكثر من مرّة. والتأثير السلبي لانقطاع الكهرباء كان يظهر أيضاً عند رغبتنا في تصوير مشاهد ليلية خارجية ببعض الأماكن. فنحن نحب الشام ونحب شوارعها والتصوير فيها ليلاً، لكن الموضوع كان عسيراً بسبب عدم وجود أضواء في الشوارع، حتى إشارات المرور لا تعمل في الليل للأسف. هذه كانت أيضاً من مشاكل التقنين التي انعكست على التصوير.

* كم استغرق تصوير “على قيد الحب”؟

انتهى التصوير بما يقارب 72 يوماً.

 * كيف تم الاتفاق مع الكاتب فادي قوشقجي لاستلام دفة تصوير عمله الجديد الذي يعود به إلى الدراما بعد انقطاع دام سنوات؟ هل كان التعاون اقتراحاً من الشركة المنتجة أم أن الأمر حصل بشكلٍ مباشرٍ بينك وبينه؟

كلا لم يُفرَض الأمر من الشركة المنتجة ولا بالاتفاق بيني وبينه فأنا لا أعرفه على الصعيد الشخصي ولكني متطلع على مجمل أعماله. ما حصل أنّي اقترحت اسمه على الشركة المنتجة التي رحبت بدورها بالاقتراح. وكان لديه نصّان، اخترت واحداً منهما مكتوباً فيه أربع حلقاتٍ كمُلخَّص، وتوسّمتُ خيراً في الحكاية. بناءً على ذلك تم الاتفاق معه بشكلٍ رسمي لمتابعة كتابة العمل، ثم باشرنا بالتصوير. إضافةً إلى أنّ اختياري للتعاون مع فادي هذا العام ليس صدفة، فهو من الكُتّاب السوريين الذين يعملون على صنفٍ كنتُ راغباً بالعمل عليه ضمن خطتي لهذا العام، في محاولةٍ لمصالحة الجمهور مع العمل السوري الاجتماعي الكلاسيكي الذي كان له مكانة وحضور عند الناس منذ زمنٍ ولّى.

وحاولتُ كمخرج أن أجمعَ كل تفاصيل الخلطة الجيدة للعمل السوري الخالص القريب من ذاكرة الجمهور. بدءاً من الورق من كاتب ينتمي لتلك الحقبة، مروراً بأسماء ممثلين راسخين في وجدان الجمهور. إن كانوا نجوماً من الرعيل الأول أو من الفنانين الشباب الواعدين الجدد. فهناك توليفة في العمل تضم تقريباً من ست إلى سبع أجيال. حاولت أن أجمع من كل جيل الممثلين الممتازين كموهبة، والحاضرين في ذاكرة العالم بأعمال ممتازة. حتى التركيز على اختيار الديكورات والملابس المناسبة، وأيضاً الموسيقى، كلّ هذه التفاصيل كانت ضمن خطتي لهذا العام، لطرح العمل بجودة حديثة بصرياً وفنياً وتقنياً على مستوى الإيقاع والتنفيذ. وذلك كي لا يبدو المسلسل قديماً، بل ينتمي لهذا العصر، أي صيغته البصرية حديثة لكن بنفس الوقت النكهة من روح الزمن الجميل.

* غالباً ما تترك أعمال فادي قوشقجي أثرها الكبير في وجدان الجمهور كونها بمعظمها تحاكي مشاكلهم وهمومهم اليومية التي يصوغها قوشقجي بقالب اجتماعي قريب من المشاهد. هل حمّلك الأمر مسؤولية مختلفة عن باقي أعمالك؟

 كلا. فتقريباً في كل الأعمال التي شاركت بها كمخرج أو كمساعد مخرج، ومنذ دخولي إلى الوسط الفني كانت بوصلتي الأساسية الوصول إلى وجدان الجمهور. إضافةً إلى أنّ تجاربي في الكتابة أكثر منها في الإخراج، ما يجعلني ملماً إلى حدٍ ما بالورق بين يدي وبمواطن القوة ومواطن الضعف فيه. لذلك حرصي على الورق في “على قيد الحب” لم يكن لا أكثر ولا أقل من حرصي مع أي كاتب آخر، فأنا أعرف تماماً مدى صعوبة روي الحكاية على الورق، ومدى مسؤولية المخرج في تقديمها بشكل بصري، وبقراءة أخرى وكتابة أخرى تظهر في دوره كمخرج. *

 هل يتم التعديل على بعض المشاهد من قبلك خلال تصوير العمل؟

طبعاً، وهذا حق مشروع في كل عمل. يحق بالنهاية للمخرج تقديم المشهد بأفضل صيغة للجمهور، والأمر ينطبق على كل الأعمال وليس فقط هذا العمل. فمن الاستحالة تطبيق ما يكتب على الورق بشكل كامل أثناء التنفيذ، هذا من بروتوكول صناعة التلفزيون والسينما. حتى في المسلسلات التي أكتبها وأخرجها بنفسي، أتخيل أثناء الكتابة إلى حد كبير كيف سيبدو المشهد. ورغم ذلك وأثناء تنفيذ المشاهد نخضع لشروط مختلفة، أحياناً تكون لمصلحة العمل، فيتم تطويع المشهد لها لتظهر بطريقة أفضل. صناعة المشهد عموماً تحكمها عناصر متعددة، من وقت التصوير، إلى أداء الممثل وما يضيفه للمشهد، إلى حركة الكاميرا، إلى الديكور والإكسسوار، وغير ذلك الكثير.

* ما خصوصية “على قيد الحب” بالنسبة لك؟

لكل عمل خصوصيته. ويبقى الهاجس لأي مخرج بكل عمل جديد تقديم ما هو مختلف فنياً وبصرياً، ما يؤدي بشكل أوتوماتيكي إلى اكتساب العمل خصوصية منفردة

. * أكثر ما أسعدك وأنت تصور هذا العمل؟

 أسعدتني توليفة النجوم في العمل حيث كان من الصعب جمعهم بهذا التوقيت ضمن عمل واحد. كما أسعدني إيمانهم بمشروعي، والانسجام الحاصل طوال الوقت في كل المشاهد. الأمر الذي كان يعطيني ثقة كبيرة بنفسي، ومسؤولية تجاه أسماء المشاركين في العمل، ومسؤولية أن هل ستنجح خطة المشروع بتقديم عمل اجتماعي سوري خالص بامتياز، ينتمي الى الزمن الجميل ويعطي نفس الأثر الذي كان يعطيه سابقاً، ضمن ما يشهده الوسط اليوم من أعمال الأكشن والمنصات والبان أراب. وكان السؤال الأهم هل سنستطيع من خلال هذا العمل الوصول إلى قلوب المشاهدين كي يعطوا فرصة مجدداً ليكون على المائدة الرمضانية كل عام مسلسل ينتمي لهذا الصنف أم لا.

* نجحت الثنائية في الأعمال التي جمعت بين ورق فادي قوشقجي وموسيقى طارق الناصر، لمَ لم يتكرر الأمر في “على قيد الحب”؟

موضوع الموسيقى خيار المخرج وليس خيار الكاتب ولا الموسيقي نفسه. المخرج هو من يختار النص والموسيقى وكل العناصر الفنية. في هذا العمل تولى الموسيقى الموسيقار رضوان نصري في ثالث تعاون بيني وبينه. ونصري من الأعمدة المهمة للمسلسلات السورية الممتازة في الزمن الجميل. أما غناء الشارة فكان لعامر خياط، صاحب الصوت الجميل الحاضر في قلوب الناس. حاولنا أن نقدم من خلال المسلسل نوعاً موسيقياً جديداً على الدراما السورية، ولكن له نكهة خاصة بذاكرة أي مشاهد. هو نوع من أنواع موسيقى الفالس تنتمي إلى سينما أوروبا الشرقية التي تناسب طبيعة دراما هذا المسلسل لكنها جديدة على هكذا نوع من الأعمال. نتمنى أن تكون قد لاقت إعجاباً نطمح إليه. وأتخيل منذ تقديم شارة العمل كانت هنالك بوادر استقبال ممتازة عند الجمهور لها، ونأمل أن يكون قد أحب موسيقى العمل الداخلية أيضاً.