«مقالب» رامز جلال: لا هدف ملموس.. ولا أثر محقق!

بقلم: علاء سمّاك

في ظل التسارع الرهيب في نقل التأثير بين الافراد من المفترض أن نتفكر كمحطات اعلامية في كيفية جعل محتوى البرامج المطروح مدروس قيمياً وأخلاقياً ونفسياً بقصد استغلال فرصتي الحجر المنزلي ورمضان ليؤتي التأثير أُكلهُ حيث لا ذروة مشاهدة وكل وقت هو ذروة.

من المؤسف أن نعترف بعيوب مجتمعنا ثم نصّر على افتعال برامج لتخرج أسوأ ما فينا كشعوب وكأفراد وجعلها تنمو مع أطفالنا وتنسف كل سلوكيات الحياة الإيجابية وما تقوم به الدول من جهد لتنمية شعوبها وتضرب بهم عرض الحائط، وبمشاركة نجوم أثرياء سوريين وغير سوريين وأسماء مرموقة تعترف بعيوب مجتمعها الذي أتت منه وقبلت الرهان لقاء رقم معين!

ومن غير المنطقي أن نغفر زلّة ونوصل أهلاً في واد، ثم نتلذذ بإذلال وإثارة الذعر والرعب في نفس بشرية أخرى في واد آخر، ببرنامج من سلسلة برامج رامز جلال وآخرها بعنوان “رامز مجنون رسمي” والذي يجمع بين الخداع والسخرية والتسلط وتحريك مشاعر الغل والانتقام بطريقة لا تمت للكوميديا ولا للواقع بصلة وبذريعة واهية مفبركة في أغلبها باعتراف بعض ضيوفها، والمكررة من حيث الفكرة والمضمون.

ومن المحزن أن نرى طاقتنا تُصب لجعل أجيالنا الجديدة تتقبل فكرة تعنيف الآخر، ناهيك عن الاستفاضة بالسّب والشتائم بهدف جعلها مستساغةً لدى مجتمعاتنا في وقت نحن أحوج ما يكون لمحاربة كل هذا لنرقى مما نحن فيه!

لكن يبقى السؤال طارحاً نفسه: كيف لمؤسسة إعلامية ارتبط جمهورها بشخصيات مُلهمة كـ جورج قرداحي وأحمد الشقيري، وتعلق ببرامجها عندما جالت في أذهان شعوبها بـ “خواطر” الذي قاده الإحسان على مدى 11 عاماً متتالية، ووضعت محتوى ابداعي تحويلي لبرنامج القوالب فشكلت “الصدمة” وكشفت آفات مجتمعاتنا العربية، أن تفسد ما حصدته في العقول وتخدش الثقة بينها وبين جمهورها ببرنامج يشّوه اللوحة ويطبق محتوى “الصدمة” ذاته على جمهور العالم العربي أجمع لتجعله ضحية مشهد تمثيلي وهو قابع في مكانه لا يمتلك قدرة على التدخل!

ولا أستغرب أبداً أن يثير هذا النوع من البرامج استفزاز الجهات التي يتقاطع سعيها مع “مصلحة البرنامج” فتصدر مستشفى الصحة النفسية في مصر بياناً شديد اللهجة لرامز جلال لما ترى في برنامجه من سخرية تزيد من وصمة المرض النفسي التي تحاول الدولة جاهدة لإزالته، حيث جاء في البيان:

“البرنامج يحمل كثيراً من العنف والتعذيب والسخرية والاستهانة بالضيوف، والتلذذ بالآلام التي يسببها للأخرين، وممارسة التنمر عليهم، وسط ضحكات مقدم البرنامج، وبما يتنافى مع آدمية الإنسان والإنسانية، التي يجب أن يتعامل الناس بها، مع بعضهم، مما يعد استهانة بالقيم الإنسانية، وخطورة شديدة من نشر تلك السلوكيات المرضية، وما تتضمنه من التلذذ بتعذيب الأخرين والحط من كرامتهم الإنسانية، وهذا ما نراه يمثل خطراً وشيكاً وتهديدا على الصحة النفسية للمواطن المصري، ومشاهدي البرنامج، كباراً وصغاراً”

حيث يعلق المحامي والناقد الفني صالح الجسمي على برنامج جلال فيقول “في كل رمضان ننادي بإيقاف برنامج رامز، “والترند” أصبح ماذا يقدم رامز من تفاهات، وين الكاميرا الخفية أيام زمان التي كان يضحك بها المشاهد من قلبه وبدون تكلفة..”

وتأكيداً لكلام الجسمي، يستحضرني البرنامج الذي يعرض حالياً على قناة سما الفضائية والذي استطاع الكندي Pierre Girard به أن يجسد ابداع العقل وسخره لرسم ضحكة بدون استئذان امتدت على أكثر من 2500 حلقة على مدى عشرين سنة من سلسلة gags الشهيرة.. فتركت بمقالب بسيطة انطباعاَ عن كمية لطف واحسان ومحبة وعفوية المجتمع وجسد الكثير من القيم التي نتوق لقطف ثمارها كل شاهدنا البرنامج.

نتمنى أن نرقى لأمثاله!