«خلافة» داعش في أوروبا على نتفليكس!

في زحمة الحديث عن “البروفيسور” كان لابد لي من استراحة ذهنية، وفي خضم الكلام عن أفلام ومسلسلات مقترحة للمتابعة بسبب الحجر المنزلي من الجيد أن تتابع بعين حيادية دون معرفة مسبقة بالشخصيات ومصطلحاتها، ودون تأثر بالتقييمات العالية التي سترفع سقف توقعاتك ومن ثم ستهوي بها مهما كان ما شاهدت رائعاً، هنا وجدت الخلافة Kaliphate.

فلم سأنصح بمشاهدة الخلافة kaliphate؟

القصة:

النساء هنا لسن سبايا اختطفن من بيوتهن، ولا مجاهدات عربيات مسلمات جئن بملء الإرادة ليكن قياديات في التنظيم أو زوجات القادة، وإنما 3 فتيات أوروبيات يافعات مسلمات، وشاب ذكي يعرف كيف يقرأ من أمامه جيداً ومن ثم يستغل غضب من تشعر بالاضطهاد وعاطفة الفتاة المشاكسة كي يوقع بهن ويدفعهن للانضمام لـ”الدولة الإسلامية”.

وأخرى تعاني كل مرار في أحضان التنظيم، استطاعت التواصل مع الشرطة السويدية علها تجد طريقاً للهروب مع رضيعة لا تريد لها أن تستمر حياتها في هذا المكان.

اختلاف الطرح:

في الحقيقة شاهدت الكثير من المسلسلات التي تناولت في طرحها التنظيمات الإرهابية بعضها حاول طرح الموضوع إنسانياً والآخر تنظيمياً، لا أعلم لم يجب أن تقحم قصة الحب في الطرح العربي، لا أنفي وجود الحب في النسخة السويدية لكنها لم تكن عشقاً وولها وإنما حالة تستكشفها من خلال العلاقات المؤلمة التي تتفاعل معها، فمن ينشر الكراهية لن يعرف الحب حتى لو كان شاباً وسيماً وقائداً للغرابيب السود.

وعلى العكس مما قرأت في مقالات تتهم المسلسل بتشويه صورة المسلمين واعتبار كل مسلم في أوروبا مشروع “داعشي” مقبل، لم أجد أن الأمر سار على هذا النحو، الأسماء العربية التي توحي بدين شخصياتها في معظمها كانت معارضة للتنظيمات الدينية الإرهابية، هنا لا تعميم سلبي أو إيجابي باستثناء الحياة على أرض “داعش”، فالأصل في الإنسان الخير والسلام!

لا حشو ولا إطالة وإنما 8 حلقات كانت كافية لبناء علاقة عاطفية مع الشخصيات، لا سيما “بيرفن” المحتجزة مع ابنتها وزوجها في “الرقة”، تصاعد في الأحداث ونهاية يؤسفني أني لم أجدها في الطروح السورية والعربية التي عايشت ألم وجود هذه التنظيمات وقربها. فواقعيتها كانت سبباً كي أنصَح بمتابعة المسلسل فلم تكن النهاية سعيدة ولكنها لم تقطع الرجاء بيقظة العقل المغيب بعواطف القلب وآماله.

الإنسان بكل تناقضاته:

تلك الصفعة التي توقظك فجأة، تعيدك للواقع وكأن كل ما جرى كان حلماَ سيئاَ، لتأسف مجدداً وفي لحظة على الواقع الذي أسقطت نفسك به وبملء إرادتك، ترتجف وتبكي ثم تغمض عينيك علك تفتحها على واقع جديد.

جميع الشخصيات الرئيسية قد نالت تلك الصفعة وكانت النتيجة مؤلمة في كل مرة، لم يتمكن الشر من قلوب مَن كان دافعهم الرئيسي بعيداً عنه، لكنه وجد طريقه في نفوس أخرى!

أزمة الشباب:

لا الشباب المسلم المهاجر إلى أوربا فحسب، وإنما الشباب الأوربي عموماً، يبدو أن الجميع بحاجة لمستمع، لشخص ذكي كـ”المسافر” الذي استطاع تجنيد شابين سويديين لم يتوغل الكاتب في حياتهما العائلية، لكن مشهدين ظهرت فيهما الأم المستهترة غير الآبهة بما سيجري أو ربما سيئة التصرف كانا كافيين لمعرفة كل شيء، وشابتين إحداهما مهتمة بالقضايا الدولية والأخرى مشاكسة عابثة كان “المسافر” بالنسبة لهما صديقاً يعرف نقاط ضعفهما وكيفية استغلالها، الشباب يحتاجون بشدة لمستمع جيد يأخذ همومهم وضياعهم على محمل الجد، ومتحدث ذكي قادر على الاحتواء والإقناع.

أمر ملفت:

بحثت عن خبر يفيد بتعرض طاقم عمل المسلسل لتهديدات بالقتل كما يحصل عادة عند عرض هذا النوع من المسلسلات بنسخ عربية فلم أجد!، رغم تناول العمل لأمور تنظيمية في تجنيد الشباب والتخطيط لعمليات إرهابية في السويد، وحتى اتهام السلطات السويدية للمجازفة بحياة مواطنيها، أمر استغربته فكثير من المسلسلات العربية أعلنت طواقمها عن التعرض لتهديدات بعضها أدى لوقف عرض حلقات المسلسل كـ”ألطريق إلى كابول” وأخرى استمر عرضها رغم التهديدات ك”غرابيب سود” و”الحور العين” وغيرها.

قد تتابع المسلسل بعد مقالي هذا وربما لا، في جميع الأحوال لا تتخذ موقفاً قبل المشاهدة وانسى كل ما قرأتَه وجاول الاستمتاع بما ستشاهد دون أي توقعات.