حين تغدو الإنسانية بِرَهن الفن!!

حياة الفهد

حياة الفهد

بقلم: علاء السمّاك

ممّا لا شكّ فيه أن مسيرة الفنان سواءً في الدراما أو في أي مجال من مجالات الفن في العالم ينبع من كونه شخصاً معاصراً لما يدور في مجتمعه من أحداث ومتغيرات ومستجدات حياتية على كافة الأصعدة، ومما لا شكَّ فيه أكثر أن انتقائية الفنان لما يريدُ تجسيده وتسليط الضوء عليه هو نتاج الثقافة الفكرية التي تبرز لجمهوره “خصوصاً عندما نتحدث عن الكُتّاب على وجه الخصوص”.

ولكن بالتأكيد عندما تتلاقى الخطوط وتتقاطع وجهة نظر الكاتب مع وجهة نظر الجمهور أو بالأحرى مع ما يجب أن يكون فعلاً محفوفاً في المجتمع، فالفنان هو في المحصلَة جزء من الجمهور عندما يتعلق الموضوع بكونه جزءاً من السيرورة الفنية المتكاملة لدى كافة المجتمعات العربية والعالم، والدليل هو ما تشهده الأعمال الدرامية من نجاح والتي هي نتيجة تحقيق الغاية التي أراد الفنان تجسيدها وايصالها بعناصرها وأدواتها الفنية على أتم وجه.

لكن السفينة لا ولن تبحر دائماَ بالاتجاه الذي أراده الفنان، وسياق اتصاله الناجح مع جمهوره هو ليس بالعملية السهلة دوماً، لأن الجمهور هو الباقي على اتصاله الدائم بفلك الفنان فقد يكون عراباً لدى البعض بنصه وقدوة لدى البعض الآخر بأدائه، لذلك فإن مسؤولية الفنان كبيرة بقدر ما يستطيع إبراز السمات والقيم الإيجابية والسلوك المنفتح والذي يقود المجتمع ويدفع بعجلته نحو العالم الأكثر تطوراً وانفتاحاً.

وعلى امتداد الزمن، وتوالي النجاحات والإنجازات -خصوصاً إذا أظهر الفنان براعته في أقاليم فنية أخرى- يلتحم الفنان بتاريخه الفني المبهر والملفت، حتى يصبحان جزءاً لا يتجزأ من حياة المجتمع وثقافته ويمسيان معاً أيقونة فنية بارعة مصبوغة بصبغة فريدة ومؤثرة. وذلك سوف يحمل الفنان مشقّة أكبر على قدر التأثير الذي نجح بحفره في النفوس، لأن أي نقيض لذلك سوف يلقي بسمعة الفنان وينسف تاريخه الفني على عظمته.

وعندما نعترف بحقيقة أن الجمهور يغلب عليه الجانب العاطفي بالطبيعة، فإن عملية محاكمته للقضايا والأمور سوف تصّب برصيد الفنان جرّاء تصريح أو سلوك إن كانَ على وسائل الاعلام أو على وسائل التواصل الاجتماعي، فالفنان الملتزم بقدر عالٍ من المصداقية والانسجام بين شخصه وبين نتاجه سيعزز ذلك استدامة الثقة والاحترام بينه وبين جمهوره، ويحقّ لنا القول بأن الفنان الأكثر جماهيرية هو الفنان المحترم لجمهوره والماضِ بخطى واثقة بعلاقته معه.

ومن جهة أخرى، فإن مسؤولية الجمهور تكمن فيما يجعل أي تصرف مثيراً للجدل يظهر بطرق أخلاقية تنم عن رقي المجتمع الذي أتى منه دون خلط بين ما يمكن انتقاده فعلاً. وما يتم استثماره إعلامياً بهدف ترك الفعل واتهام الفاعل، فمتى يسمو الجمهور بالترفع عن إطلاق الاحكام والتنمر الذي يجني نتائج مؤذية نفسياً وانسانياً؟؟

فما نشهدَه اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي هو جزء من صورتنا الكاملة للعالم وهي معلقة باختيارنا كيفما شئنا، أما الصورة الفنية الكاملة فهي عبارة عن فنان وجمهور يرفع كلُ منهما ناصية الآخر، والصورة الأسمى هي الانسان!

فتطور المجتمعات يأتي بكونها إنسانية ومتأهبة لتكون يداً واحدة لتصحيح الأخطاء فليس من المهم أن نعارض وإنمّا كيف نعارض وكيف نتقبل أوذنرفض وجهة النظر هذه أو تلك!