مجد سكر.. اسمٌ لامع كالكلارينيت

بقلم: عبد الهادي الركب

آلة سوداءُ اللّون، تتزيّن بمفاتيحَ فضيّة نابضة بالألحان، مشبعةٌ بأنفاس تحمل الحب قبل الإتقان، إنها كلارينيت “مجد سكّر”، التي تتميّز بصوتها البرّاق كلونها، صوتٌ يخرج من حنجرة تصرُّ على صياغة موسيقى عربيّة التفاصيل، ممزوجة بالجاز، موسيقى المهاجرين الذين مرّوا عبر العصور، لنكون أمام خلطة موسيقيّة متعددة العناصر، قادرة على استحضار الحضارات على خشبة المسرح. خرج من حمص كطالب في كليّة الاقتصاد، حاملاً في قلبه حلماً موسيقيّاً تخطّى كلّ المصاعب، ليبدأ التعلّم بجهود شخصيّة تمتزج بالشّغف، إلى أن أخذته عجلة التعلم إلى كندا نحو دراسة أكاديميّة في كلية همبر الكندية، ليتخرج منها بدرجة الشّرف، فيقرر بعدها إكمال دراسته في في ذات الجامعة لدرجة البكالوريوس. طلابٌ كثر يجدون في العمل إلى جانب التعلّم صعوبةً فائقة، لكنّ لمجد سكّر قولاً آخراً “كنت أجد المتعة في مزج الكلارينيت بالموسيقى الشرقية، لذلك قرّرت أن أشارك هذا النمط الموسيقي مع طلّاب جامعة “تورنتو” عبر دروس تعليميّة لعدّة أشهر”.

استهوت كلارينيت “مجد سكر” العديد من الفنّانين العرب والكنديين، فانضمّ بدوره إلى “الأوركسترا الكنديّة العربيّة” منذ ثلاثة أعوام، فكانت محصّلة هذا التعاون المشاركة في أكثر من خمسين حفلاً موسيقيّاً مبهراً، بالإضافة إلى انضمامه للعديد من الفرق الموسيقيّة ذات التعدد الثقافي مثل الفرق الأرمنيّة واليونانيّة والتركيّة في كندا. فكان حاضراً في حفلات غنائيّة عدّة “سعيد جدّاً بكل لحظة أمضيتها على المسرح برفقة فنّانين من حول العالم، فشاركت بموسيقاي: حمزة نمرة ومروة ناجي وناصيف زيتون وأدهم النابلسي وعاصي الحلاني وكارمن سليمان وسيمور جلال وفايا يونان وآدم وغيرهم، بالإضافة إلى العمل مع موسيقيين عالميين مثل Robi Botos و Aref، كما كنت شديد الحرص على المشاركة دوماً مع صانعي الفنّ الملتزم أمثال: نصير شمّة وشربل روحانا وإلهام المدفعي والستّ فريدة وفؤاد الزّبادي وإسماعيل فاضل، لأهميّة الأغنيّة الملتزمة فنيّاً وفكريّاً؛ لما تحمله من جوهر ثقافي مهم”.

“الكلارينيت تشدو في الدراما”

لم يتردّد “مجد سكّر” في التفاعل مع صناعة الدراما، فقد ساهم في صناعة موسيقى أكثر من خمسة عشر عملاً دراميّاً، بالإضافة إلى مشاركته في حفل “الأوركسترا الكنديّة العربيّة” الذي قدّمته الأوركسترا إحياءً لشارات مسلسلات الدراما السوريّة والعربيّة التي كبرنا معها، لتحوّل مسرحاً كندياً إلى حيّ شعبيّ يحمل عبقاً شاميّاً أو مصريّاً أو عراقيّاً أو أردنيّاً، فشدت موسيقى: رأفت الهجّان وصحّ النوم وليالي الحلميّة والخربة ونهاية رجل شجاع وأبو عوّاد وعنتر بن شدّاد.

“مجد سكّر.. والأداء الموسيقيّ السّليم”

على خطى الإتقان، الذي يحترمون صناعة موسيقى مهيبة، يسير “مجد سكّر”، حيث يصمّم على الظهور على المسرح بأبهى حلّة فنيّة، فآلته حاضرة، صوتها متناغم مع بقيّة الآلات بانسجام لافت، فهو يعتبر الآلة مرآة صاحبها وعليها أن تكون لامعة بهيجة.

“خطوتان محكمتان نحو دفّة النجاح”

بدعوة من منظمة “آغا خان” التي تحتضنُ متحفاً فنيّاً يضمُّ روائع الأعمال، ترجم “مجد سكّر” موسيقيّاً لوحةً رسمها الفنان “كيفورك مراد”، لوحةً تصوّر الأندلس بتجسيدها كمدينة يلفّها السّلام والازدهار والجّمال، وكيف انتهت حضارتها بالحروب، وهنا يظهر جمال آلة الكلارينيت بكيفيّة تحويل الجّمال المرئي إلى جمال سمعيّ في دقّة متناهية!

كما حظي “مجد سكّر” بفرصة أن تُنسب لاسمه آلة كلارينيت فلسطينيّة الصّنع، وذلك تقديراً من شركة “جبارين” لجهوده في الإسهام في إضافة لمسة شرقيّة للآلة، فحملت اسم MS نسبة له. يرسم “مجد سكّر” اليوم مستقبلاً موسيقيّاً بخطىً ثابتة، خطى لا يجد السّقوط درباً لها، ربّما سترسمهُ يوماً في لوحة الكبار.. وبقلوبنا!