حيلة طفولية في سينما باتت من الأحلام

بقلم كرم صايغ

“مافي بطاقات” هذا ما أخبرني به صديقي حينما خرج من سينما الكندي محاولاً شراء تذكرتين لنا لنشاهد أحد الأفلام التي كانت تعرض وقتها، عندما كانت هي السينما الوحيدة التي بقيت ضمن الخدمة بعد إغلاق أكثر من أحد عشر دوراً في اللاذقية خاب أملنا فكانت المرة الأولى التي سنكتشف بها أشكال الممثلين بشكل أكبر ونراهم أضخم منا، إتجهنا إلى أحد محلات سندويش الفلافل المعروفة في المنطقة وقررنا أن نشتري بسعر التذاكر سندويش فلافل وأثناء انشغالنا بالأكل سمعنا أحد الواقفين أمام المحل يحاور شخصاً عن عدم رغبته مشاهدة عرض اليوم من الفيلم بسبب الأصداء السيئة التي سمعها عنه فسارع صديقي بعفوية ليقول له ما حصل معنا وأننا صرفنا ثمن التذاكر على هذا السندويش الملعون وبلطف شديد أعطانا تذكرة واحدة وهنا قرر صديقي حضور الفيلم وحده، كان أول موقف خذلان وتمنيت لو كان هناك وسيلة كالفيسبوك مثلاً لأكتب مقالاً عن خيانة صديق!!

لا سبيل للنجاة هناك ساعة واحدة للحصول على تذكرة ضمن ظروف قاهرة ( لا مال في الجيب ولا تذاكر على شباك التذاكر) ذهب صديقي وبقيت وحيداً، وفي فمي لقمة الفلافل وأنا أعصر ما تبقى من السندويشة بين يدَيّ ونظراتي تشتم صديقي وتلعن كل ما يعترض طريقي مثل تلك القطة التي ركلتها في تصرف لم أعتد أن أتصرف مثله ولكنه كان تمهيداً لتصرف يليه وهو محاولة السرقة الطفولية الأولى بحياتي أيضاً. إتجهت لأقف أمام السينما منتظراً أن تكتظ بالجمهور حتى رأيت طفلاً أصغر مني سناً يحمل كيساً من البوشار و تذكرة دخول ولحظة انشغال والدته بالحديث مع صديقاتها اقتربتُ منه مداعباً خدّيه وأخذتُ منه التذكرة وهو يبتسم وفي خطوات سريعة وبعد تلويحات الوداع بيني وبين الطفل تقدمت عند مدخل الصالة لأُعطي أحد المنظمين تذكرة الدخول. لم أكن أعرف سبب إصراري على مشاهدة الفيلم أو رغبتي في القيام بأشياء لا تشبه ما تربيت عليه، لكن الشغف حينها خطا أولى خطواته بداخلي وكان يخبرني بإصرار “عليك بالمغامرة للوصول”!.

حاولتُ إرضاء نفسي بالتركيز بالفيلم حتى لا أفكر بعملية السرقة الملعونة التي قمت بها منذ قليل، وفي ترقب وتركيز ظهر أحد الممثلين على الشاشة بمنظر ضخم جعلني أبكي من الدهشة لم أتخيل أني سأراه شخصياً ” هذا ما كنت أعتقده” أن مشاهدة الفيلم في السينما يعني رؤية الممثل شخصياً فهم في عالم مختلف عن عالمنا. انتهى الفيلم وأنا أبكي خرجت، من السينما ليوقفني أحدهم ويسألني ” ليش عم تبكي عمو” ترددت بالجواب واحترت ماذا سأقول له فأجبته ” مافي بطاقات ” ليأخذني إلى شباك التذاكر بيديه ويشتري لي تذكرة لحضور فيلم الأسبوع القادم.