دراما رمضان: عندما تشيخ النجوم

بقلم : نورس يكن

في كل عمل درامي توزع الأدوار بحسب مساحة الشخصية وتأثيرها، دور أول (بطولة)، دور ثاني (مساعد)، ممثلون، ضيوف شرف، أدوار ثانوية، وكومبارس، ولكن هل جربت من قبل متابعة البطولة الثانوية؟


البطل الثانوي على ما يبدو، هو إحدى الشخصيات الرئيسية في عمل ما، التي يعتبر وجودها ضرورياً، ربما من حيث اسم النجم، أو جنسيته، ولكن دون تأثير محوري له في السياق الدرامي. وتشكل هذه الشخصية في الغالب، حاملاً للعمل من الناحية التسويقية (الإنتاجية)، أو مساراً لأحداثه، دون أن يشكل غيابها في واقع الحال أو استبدلها أي تأثير على القصة.

دقيقة صمت

في مسلسل دقيقة صمت الذي حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً لكاتبه سامر رضوان، ومخرجه التونسي العائد لأجواء الدراما السورية شوقي الماجري ثلاث أبطال ثانويين، استبدال شخصياتهم أو حذفها لم يكن ليغير شيء في العمل.
الشخصية الأولى هي سمارة، والتي أدتها الممثلة اللبنانية ستيفاني صليبا، حصلت ستيفاني على البطولة النسائية للعمل، ويبدو أن الموضوع انتاجي بحت بحيث من الضروري وجود حسناء لبنانية إلى جانب كل ممثل سوري، إضافة لضرورة وجود حدوتة عاطفية تجذب المشاهد.
ولكن من حيث المبدأ كان من الممكن الاستعاضة عن سمارة، بأي شخصية أخرى قد يطلب منها تأدية دور المقعدة التي سيتم شفائها على يد (أمير ناصر)، علماً أن هذا المشهد هو الوجود المحوري الوحيد لشخصية سمارة في النص، وقد يحل الموضوع بمقابل مالي أو تهديد، وهذا شيء وارد في قاموس المجموعة الفاسدة التي يتحدث عنها العمل.
الشخصية الثانية هي شخصية أدهم، والتي قام بأدائها الممثل اللبناني فادي أبي سمرة، فعدى عن ضرورة الحضور اللبناني من الجهة المنتجة، لا مبرر أخر لوجودها في العمل.
الشخصية الثالثة مع الأسف هي شخصية أمير ناصر، “البطل الرئيسي” والتي قام بتأديتها الفنان عابد فهد، هذه الشخصية على الرغم من أنها شكلت حاملاً أساسياً للقصة، ولكنها لم تكن على اتصال وثيق بالقضية التي يعالجها العمل، ما جعلها منفصلة عن السياق الدرامي، ومتصلة معه بنفس الوقت.
ربما كان من الممكن منح مساحة أكبر لأمير ناصر في أحداث المسلسل، أو منح بطولة العمل للمتميز خالد القيش، صاحب شخصية العميد عصام شاهين، والذي شكل المحور الأساسي للقصة، وأدى شخصية غنية بالانفعالات العاطفية من الحب إلى الجبروت، باقتدار الكبار.

الهيبة – الحصاد

في الهيبة الجزء الثالث، والذي حمل جانبياً عنوان “الحصاد”، إن كان الحضور الخافت لمنى وشاهين وصخر في خط سير العمل مبرر بكونهم الأبطال الأساسيين للقصة، فـ الغير مبرر هو محدودية شخصية جبل، بطل الجزئين الماضيين، وترك الممثلين المساعدين يحركون الأحداث، في وقت يحمل فيه أبطال العمل، “صفة مراقب”.
الغير مبرر أيضا في الهيبة، من الناحية الفنية على الأقل، هو حضور الفنانة اللبنانية سيرين عبدالنور، فعداوة زيدان لجبل لا تحتاج لمن يؤججها، والحرب على “ابن الهيبة البار”، لها عشرات المبررات الدرامية المقنعة أكثر من غرقه في حب فتاة، لم تغير أي شيء في شخصية جبل.
أما من الناحية التسويقية والإنتاجية، فلقد وقفت عبدالنور سنداً للعمل المأزوم على صعيد السيناريو والحوار، وحققت له النجاح والانتشار المنتظر، مع الأمل بأن لا يتفاجئ الجمهور بنجمة جديدة للجزء الرابع، ومع ضرورة استعادة أبطال الهيبة لأدوارهم.

عندما تشيخ الذئاب

في هذا العمل أيضا، تفوق الممثلون المساعدون، أو أصحاب الأدوار الثانية على أبطال العمل، ليس فقط من حيث الأداء، ولكن من حيث مساحة الشخصية وفاعليتها في القصة.
ومع الاقتدار الذي لا يمكن أن يكون موضع نقاش للفنان سلوم حداد في شخصية الشيخ عبد الجليل الصراف “الجنزير”، بدت شخصية بطل العمل الثاني جبران، التي أداها عابد فهد رتيبة نوعاً ما، كما لم يمنحها المؤدي حقها من توظيف أدواته لخدمتها.
وكون العمل مقتبس عن رواية “عندما تشيخ الذئاب” للكاتب الراحل جمال ناجي، وليس تجسيداً كاملاً لها، كان من الممكن التعديل على مساحة الشخصيات في العمل، وخلق سياقات درامية جديدة لها ضمن السياق الأصلي للحكاية، أو على الأقل منح المتألق أنس طيارة في شخصية عزمي، والمتميزة هيا مرعشلي في شخصية سندس، مساحة على الملصق الرسمي للعمل، ومكاناً موازياً لعابد فهد وسلوم حداد في الشارة.
كان دائما ما يميز الدراما السورية، هو جماعية البطولة، وتمكن الممثلين السوريين من أدواتهم، وحضورهم المحبب لدى الجمهور العربي، والأهم قدرة الكتاب السوريين على ملامسة الواقع.

في المواسم السابقة مرت الدراما السورية بالعديد من الأزمات زاد عليه هذا الموسم أزمة تسويق الأعمال على أسماء النجوم، والذين اتكئوا على الفنانين الشباب المتميزين. ممثلون كثر في هذا الموسم الرمضاني، منحوا صفة ممثل مساعد، لكنهم كانوا نجوماً حقيقيين خلف أبطال لم تساعدهم النصوص، أو خانتهم المهنة.
كما حمل ممثلون آخرون على اكتافهم عبء إنجاح نصوص ضعيفة لا ترقى للميزانيات التي وظفت لإنتاجها، لتبقى الأزمة الأبرز في الدراما السورية والمشتركة على حد سواء، هي أزمة النص.