حين دخلت الدراما السورية كواليس الصحافة!!

لطالما ناقشت الدراما السورية واقع الصحافة في سورية، فطرحت العديد من الأفكار التي تتعلق بالعمل الصحفي من مخاوف وعقبات وتهديدات قد تعترض الإعلامي على اختلاف اختصاصه.

بهذا الصّدد سنناقش أهم الأعمال الّتي طرحت كواليس الصحافة وجدلية العمل فيها بين طياتها:


مسلسل “عودة غوار- الأصدقاء”

تأليف: دريد لحام- طلال نصر الدين- أحمد السيّد إخراج: دريد لحام- مروان بركات

يلتقي غوّار بعد خروجه من السجن بتهمة قتل زوجته بالصّحفي “رامز اللّحام/ميلاد يوسف” الّذي يساعده في كشف القاتل الحقيقي أمام الملأ من خلال قصّة يقوم بنشرها في صحيفة “الينبوع” الّذي يعمل لديها. يقوم رامز ضمن عدد تلو الآخر بكشف خفايا القصّة من خلال تبديل في الأسماء الحقيقة، فيحوّل “تحسين/حسام تحسين بك” إلى “تحسين” و “أبو العز/عصام عبه جي” إلى “أبو الرز”، و”عدنان/أحمد رافع” إلى “عدمان”. يلاحظ أبو العز أن تفاصيل القصّة هي ذاتها قصّة جريمته هو وأصدقاؤه فيستدعيهم ويخبرهم بالأمر لاتّخاذ الإجراء المناسب. يحاول عدنان أن يقدّم رشوة لرامز كي يتوقّف عن الكتابة ولكنه يرفض، فيدبّرون له مكيدة من خلال اتّهامه بمتاجرة حشيش ويقومون بسجنه من خلال تقديم شهداء زور.


مسلسل “أبيض أبيض”

تأليف: مازن طه إخراج: عابد فهد

من خلال طالبة الصّحافة “لطيفة/ديمة قندلفت” وخطيبها الطالب الصحفي “نصوح/فادي صبيح” ناقش العمل واقع طلاب كليّة الصحافة الّذين يعانون في إيجاد فرصة عمل مناسبة دون وجود لواسطة تقوم “بدفشهم” علّهم ينالون فرصة تليق بسنوات التّعب.

عن الرّياضة، العنف، التّأثر بالغرب وأفكاره، واتّباع المشاهير بشكل يلغي شخصيّة العوام. ففي حلقة كان ضيفها الفنان “نضال نجم” على أنه مغنّي مشهور ومحط إعجاب الكثير ومقصد الصحفيين رغم أنه لا يمتلك مقومات المطرب الناجح، مع الأخذ بالعلم أن والده روائي أفنى سنين عمره في الكتابة دون أن يقابل صحفي واحد على الأقل، ودون أن يطلب أي من العاملين في الحقل الصحفي إجراء لقاء واحد معه. حتى في أمسية روائية له يقوم ابنه بحضور الأمسية فيخطف الأضواء عن أبيه الّذي يغادر الأمسية بعد إدراكه أن الجمهور متواجد لأجل المغني المشهور الفاشل، وليس من أجل الروائي القدير!


مسلسل “دنيا”

تأليف: أمل عرفة ومجموعة كتاب – إخراج: عبد الغني بلاط، زهير قنوع.

في أولى العائلات الّتي تخدمها “دنيا/أمل عرفة”، تصبح مقرّبة من ابنتهم “مي/ديمة الجندي” الصّحفيّة الّتي تبحث عن فرصتها وتريد إثبات نفسها أمام مدير الصحيفة الّتي تعمل بها. تقوم دنيا في أحد الأيام بخدمة صديق والد مي الّذي يتاجر بتحف شرقية ويبيعها للسيّاح مقابل الدولارات، فتخبر مي بالأمر لتظن الأخرى أن صديق والدها يتاجر بآثار بلده فتفضحه في تحقيق صحفي ليتبيّن أن هذه التّحف من صنعه ويتم طردها من الصحيفة.

في حلقة أخرى من هذا العمل، تخدم دنيا الممثلة الشهيرة “دارين/صباح بركات” الّتي تحاول جاهدة تلميع صورتها أمام الصحافة لتظهر بالصورة المثاليّة. تحلّ دارين ضيفة على أحد البرامج الفنية، فيتم تصوير الحلقة ببث حي ومباشر في منزلها، ويطلب مقدّم البرنامج إجراء لقاء سريع مع دنيا ويطرح أسئلة لإحراج دارين مستغلّا بساطة دنيا وعفويتها إذ تقوم بعرض حياة دارين الشخصية أمام الملأ.

أما عن الجزء الثاني من العمل وبعد خمسة عشر عاماً تطلّ النجمة “نادين تحسين بك” بشخصية الصحفيّة “لميا” وهي صديقة مقرّبة ل “مي” تجري تحقيقاً صحفيّاً عن المتاجرة بالأطفال وذلك من خلال إيقاع تاجر حرب يدّعي أنه طبيب أطفال ليقوم ببيع أولاد الفقراء إلى الأغنياء الّذين لا يملكون أطفالاً، فتقوم بالتنسيق مع دنيا وشقيقة مي “سحر/وفاء موصللي” ويوقعون به بالاتّفاق مع الشرطة.


مسلسل “الخيط الأبيض”

تأليف: نهاد سيريس، إخراج: هيثم حقي

جمع المسلسل الإعلامي “رأفت الشمالي/جمال سليمان” والإعلاميّة “سهام البنا/جومانة مراد” في طرح درامي جريء. ناقش العمل كواليس الوسط الإعلامي والفساد الذي يعتري مؤسسات الصحافة وسط بناء محكم لعوالم الشخصية الإعلامية. يُعد من المسلسلات القليلة التي كسرت الحظر في طرح الفساد بالإعلام السوري حيث شكّل المسلسل اجتماعاً استثنائياً لنص نهاد سيريس وعدسة هيثم حقي، بإيقاع هادئ يعتمد على الحدوتة والرومانسية أكثر من التشويق المرتبط بالأكشن والعنف، كما تميّزت المشاهد بتعريف الجمهور على كيفية تقديم البرنامج الحواري والتحضير له.


مسلسل “وصمة عار”

تأليف: فتح الله عمر، إخراج: ناجي طعمي

ناقش العمل حياة “يعرب قحطان/خالد تاجا” رجل سياسي سابق وصاحب مبادئ لحرب إعلامية تبدأ من خطف حفيدته واغتصابها ثمّ قتلها، وإقامة برنامج إعلامي لتشويه صورته من خلال استقبال اتصالات من فتيات تدّعي أنهنّ ضحايا اغتصابه، وهذا كلّه بتدبير من “سامي يوسف/باسم ياخور” الّذي يقوم بالزواج من ابنته “عبير قحطان/جومانة مراد” وتعكير حياتها ثأراً لأبيه حيث يعتقد سامي أن والده ضحيّة يعرب حسب الأفكار الّتي تشرّبها من عمّته. وسلّط العمل الضوء على فكرة مهمّة وهي قدرة الإعلام على تحويل البطل إلى مجرم، والجلّاد إلى ضحيّة، والمجرم إلى بطل.


مسلسل “عشتار”

تأليف: أمل عرفة، إخراج: ناجي طعمي.

جميعنا يعرف قصة عشتار، المغنيّة “نيرمين” الّتي أجرت العديد من عمليات التجميل لتصبح فتاة جميلة وتنجح في عالم الفن. تدور الأيام وتقابل جارها الصّحفي “ممتاز/زهير عبد الكريم” الّذي يبحث عن فرصته منذ زمن ليترك بصمة في عالم الصّحافة، فيبيع سنين الجيرة والعشرة لتحقيق غايته ويقوم بفضح عشتار الّتي تعطيه كل ثقتها وذلك من خلال نشر الصّور القديمة لها.


مسلسل “فسحة سماوية”

تأليف: مية الرحبي، إخراج: سيف الدين سبيعي

من خلال منزل “أم فوّاز/منى واصف” الّتي تقوم بتأجير الغرف في بيتها الدمشقي الواسع، تقوم شخصيّة الصحفية “شمس/سلافة معمار” بإجراء تحقيقات صحفيّة حول عدّة قضايا منها دور الأيتام وكيفية معاملة الأطفال بها والظلم الّذي قد يتعرّضون له. من جانب آخر تقوم شمس بمساعدة “جهينة/انطوانيت نجيب” وهي إحدى سكّان المنزل بإيجاد ابنها المهاجر إلى تركيا. الجدير بالذّكر أن شمس تقوم بإجراء مقابلات مع جميع النزلاء على طول المسلسل ليعبروا عن مكنوناتهم الدّاخليّة ومشاعرهم في البيت الدّمشقي، بيت أم فوّاز.


مسلسل “ليس سرابا”

تأليف: فادي قوشقجي- إخراج: المثنّى صبح

عن طريق مجلة “المزراب” الّتي أسّسها المحامي “ميشيل سليمان/سلوم حداد” ساعياً إلى إيصال رسالة أنّ كلّ البشر واحد على اختلاف انتماءاتهم، توجّهاتهم، رغباتهم والأهم من كل هذا “الدّين الّذي يتّبعونه”. فميشيل رجل مسيحي وصديق مقرّب للكاتب “جلال جديني/عباس النوري” وهو مسلم الديانة لكنّهما يجتمعان على نفس المبدأ في التّقبل للآخر دون فرض وجهات نظر شخصيّة.

يتلقّى ميشيل تهديدات منها شخصيّة والآخر اقتصاديّة، حيث تقوم جهات أخرى بشد المعلنين إليها وإبقاء المجلة في حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي، وكأنّ تلك الجهات الغير معروفة لا تريد أن يكون الكل واحد!. بالإضافة إلى مراقبة جلال وتشويه صورته لأن أحدهم كشف أمر زواجه سرّاً من امرأة مسيحيّة مطلّقة “حنان/كاريس بشار” وهذا كلّه غير الحذف الرقابي لبعض المشاهد الّذي يكتبها تعبيراً عن أفكار معيّنة.


مسلسل “بنات العيلة”

تأليف: رانيا أحمد بيطار- إخراج: رشا هشام شربتجي.

تطرّق هذا العمل للإعلام من جميع جوانبه سواء عبر الصحف أو الإذاعة والتلفزيون، فعن طريق برنامج “مع سارة” التي لعبت دورها “نسرين طافش” بدأ العمل أولى حلقاته لمناقشة قضايا اجتماعية تكون أحيانا أحد أسباب تدمير العلاقات أو تحسينها حسب الظّرف المعطى لكل قصة. وعن طريق مجلة “أيفا” التي تعنى بأمور المرأة وتكرّس فكرة تغلّبها على الرجل تقوم “علياء/كندة علوش” بوضع جميع إمكانياتها المهنيّة لتنتصر على “آدم” الّذي يكون في الحقيقة “وسيم/قيس الشيخ نجيب” في نهاية المطاف. وعن طريق نفس الشخصية يتم تقديم برنامج يعنى بالأمور الخدمية ويفضح جميع المسؤولين المختلسين فيتلقّى تهديدات على هاتفه أو منزله ليتمّ ضربه ضرباً مبرحاً من جماعات لا تريد لأمورها أن تكون مفضوحة أمام العَلَن.


أخيراً.. الإعلام هو فن التواصل مع المجتمع، فإلى أي حدّ استطاعت الدراما السوريّة التّعبير عن هذا الفن الّذي غالباً ما يتحوّل إلى تجارة؟!