حلم الشهرة … فيديوهات فارغة ومشاهدات عالية!!

بين مقلّدين ومدعي موهبة، ممثلين افتراضيين ومنظرين منتقدين لظواهر اجتماعية، تكثر يوماً بعد يوم فيديوهات بلا شكل أو مضمون، ورغم ذلك وتحت شعار “الشجرة المثمرة ترمى دوماً بالحجارة” يزيد مشاهير السوشال ميديا من جرعة الكم لا النوع التي تقتحم هواتفنا التي بالرغم من وصفها بالذكية إلا أنها لم تستطع إلى الآن حجب بعض السخافة عنا!

بقصد أو بلا قصد جعلنا من بعض من نتهمهم بالحمق أو السخافة أبطال الريتنغ على يوتيوب، ربما بسبب طبيعة البشر الفضولية، فما أن نشاهد فيديو مستفز لأحد هذه الشخصيات نسارع للبحث عن مقاطع إضافية نصب في تعليقاتها غضبنا وشتائمنا لتزداد عدد المشاهدات ومن ثم يرتفع الفيديو ليصبح “رائجاً” هنا وهناك.


حلم الشهرة

شباب وشابات يبحثون عن الشهرة، يهدفون لإيصال الصورة لا الصوت والفكرة، يحاولون عبر مقاطع قصيرة أن يجمعوا عدداً أكبر من المتابعين بصرف النظر عن كون هذه المتابعة سلبية.

الظاهرة المنتشرة باتت تتفاقم بشكل مؤسف، فبعد أن ظهر العديد من “اليوتيوبرز” الذين يعيدون تمثيل نكات قديمة ومعروفة، ظهرت أنواع جديدة من الفيديوهات مهمتها انتقاد فيديوهات أخرى، كمن يدور في دوامة من الهراء!!!

ومن جديد تنتشر مقاطع لفتيات وفتيان بعمر المراهقة، المؤسف أن الأمر ليس في “طيش المراهقة” هذا وإنما في “تفاهة الشباب”، فعوضاً عن تجاهل هذه الفيديوهات يظهر لنا شبان ممن تجاوز بعضهم الثلاثين من العمر ليقوموا بتقليد هؤلاء المراهقين بطريقة ساخرة فيبدون أكثر سذاجة منهم.


شهرة واستغلال

أسماء كثيرة برزت في الآونة الأخيرة ومما ساعد على ظهورها صفحات تقوم بالترويج لنفسها عبر مقاطع قصيرة أبطالها شباب وشابات سيحظون بتفاعل سلبي بعد النشر وشتائم وإهانات ربما وانقسام للآراء حولهم، الأمر الذي سيزيد من كم التعليقات وبالتالي من الترويج للفيديو والصفحة الناشرة!

ومؤخراً يتم تداول اسم بيسان الشابة ذات ال15 عاماً ومرافقها الدائم جواني الذي لم يعلم أحد بعد ما الدور الذي يلعبه في المقاطع التي تستعرض من خلالها بيسان مقدراتها الصوتية، فهو يجاورها بداية ليقوم بعدها بحركات مترجمة للأغنية التي تؤديها، الأمر الذي يحول الأنظار دوماً عن غناء بيسان ليتم التركيز على وجوده معها والسخرية من ما يقدمانه!

بيسان وجواني وما يقدمانه من فيديوهات فارغة تحظى بمشاهدات عاليا ليسا وحدهما، فقد برزت أسماء لعدد من الشباب قبلهما والعديد منهم للأسف حظي أيضاً بمقابلات على تلفزيونات عربية بسبب قدرتهم على خلق بلبلة حولهم فأصبحوا بذلك حديث السوشال ميديا.


هل يتمتع هؤلاء بقدرات خارقة تجعلهم يستمرون رغم كل الانتقادات؟

في الواقع أن التعليقات السلبية والحديث عن هؤلاء الشبان والفضول الذي يتصف به البشر والبحث عبر يوتيوب جميعها أمور مفيدة مادياً لهؤلاء الأشخاص، فمع كل 1000 مشاهدة على يوتيوب تحصل القنوات بشكل متوسط على 0.5 دولار اميركي بحسب العديد من الاستبيانات فالحصول على الأموال عبر الانترنت وتحويل المواهب لأموال أمر رائج ومربح للغاية!

ومن لا يملك الموهبة ربما كان يملك القدرة على الاستفزاز وفي الحالتين سيجنى أرباحاً كثيرة.


إذاً… فالشتائم لن تضرهم شيئاً وإنما يمكن اعتبارها وسيلة تسويقة، كما يمكن اعتبار مقولة “يلي ماعاجبوا لا يتفرج” مقولة ساذجة أخرى، فطبيعة البشر الفضولية تمنع ذلك، لكن ربما بإمكاننا السكوت وحجب المزيد من المشاهدات ودعم أصحاب مواهب حقيقية مما يشجع من يبحث عن الشهرة على البحث عن موهبة حقيقية!