وراء كل مسلسل ناجح .. مخرجة مبدعة

 

 

 

 

بقلم: روضة المرعي

عندما تجلس أمام التلفاز، وتنجذب من الحلقة الأولى، من المشهد الأول. فاعلم بأنّك متورط بمتابعة مسلسل إبداعي حتى المشهد الاخير منه، وأنّه ما من عودة أو حتّى مهرب من عمل بتوقيع رشا هشام شربتجي.


مبدعة سبقت زمانها، توّاقة لتذوّق جمالية الأداء، وبساطة وعمق الطّرح. فأعمالها دخلت إلى كل البيوت العربيّة. ولا بدّ أن كل من تابعها وجد نفسه في أحد مشاهد “ابنة شيخ الكار”.
من قانون ولكن، أشواك ناعمة، خمسة وخميسة، غزلان في غابة الذّئاب، يوم ممطر آخر، زمن العار, تخت شرقي, أسعد الورّاق، الولادة من الخاصرة، بنات العيلة، وشوق في الدراما السّوريّة إلى أولاد اللّيل، ابن الأرندلي، شرف فتح الباب في الدراما المصريّة. وسمرا، علاقات خاصّة، وش رجّعك في الدراما العربيّة والمشتركة. وها هي تكمل طريق النّجاح في مسلسل “طريق” هذا العام.


رشا هشام شربتجي: تعدُّد ثقافات ووجهات نظر

 

هي نتاج لعلاقة حبّ بين قلبين، أحدهما سوري والآخر مصري فجَمَعَت خبرات الطّرفين في أبسَط الأمور. ابتداءً من اللّهجة وانتهاءً بالرّؤية الفنّيّة.


من الحلم الطّفولي في هندسة الدّيكور حيث كانت تصحبها والدتها المهندسة “نيّرة بنت زادا” إلى استديو مصر الّذي شكّل لها حالة من الشّغف كبناء كانت تلفّ حواله بدرّاجتها مراراً وتكراراً، تتأمل جماله، وتراقب النجوم الّذين يتردّدون إليه بصمت لتكبر الطّفلة وتجد نفسها في أروقة كلّية “رياض الأطفال” الّذين تحبّهم كثيراً. ليأتي طَيْف الإخراج فيُلملم كل هذه الخبرات ويحسم الأمر ليُسبَق اسمها كلمة “مخرجة”.


رشا هشام شربتجي.. سيّدة التّفاصيل

ليس غريباً أن تنال أعمالها كل هذا النّجاح، كيف لا وهي تضع لمستها الخاصّة على كل تفاصيل العمل من إضاءة وتصوير وإخراج ومكياج وأداء للنجوم. فهي لا تَقبل بأن يمرّ أي مشهد مرور الكرام، وذلك نتيجة لكونها تهتم بتفاصيل العمل منذ استلامها للنص، فلا تكتفي بقراءة الملخّص العام بل تقرأ حلقات كاملة لتستكشف ما بين السطور، وتعقد مع كل ممثّل أو ممثّلة جلسات نقاش لدراسة تاريخ الشّخصية. فالتّكامل مطلوب رغم أنّها تضطر أحياناً لتجاوُز بعض المشاهد الّتي لا تكون راضية عنها مئة بالمئة بسبب ضيق الوقت.
أي شخصيّة مهما كان حجم دورها هي مهمّة بمنطق رشا، وهو الأمر الّذي جَعَلَهَا تفكّر بتجسيد شخصيّة “لمى” في مسلسل “أشواك ناعمة”، الفتاة المراهقة المطلّقة الّتي حرمها الزواج المبكّر أن تعيش مراحلها العمريّة كما يجب. فرغم قلّة مشاهد الشخصيّة إلى أنّ رشا استعانت بفتاة قامت بتأدية الدّور بطريقة لطيفة ومتناسبة مع طبيعته.


في تفصيل آخر نتذكر شخصيّة الفنّانة “نادين تحسين بك” “روضة” في مسلسل “زمن العار” حيث أوصت الماكيير بوضع كميّات كبيرة من مستحضرات التجميل وتحديداً الألوان الفاقعة الّتي تناسب فتاة تحب لفت الأنظار حتّى في مكان العمل. أما عن شخصيّة “جميل” الّذي لعبها الفنّان “تيم حسن” فهو من اقترح كتابة عبارة “جميل حظو قليل” على سيارة الأجرة الّتي يعمل عليها. وفي هذا التفصيل البسيط إشارة واضحة إلى أنّها مستمعة جيّدة لنجوم الأعمال الّتي تقوم بإخراجها.


رشا هشام شربتجي.. مُخاطِرة وتتحدّى نفسها

من المعروف أنّ وضع النجوم في أدوار تشبه بعضها البعض مشكلة حقيقيّة بالنّسبة لأيّ منهم. فعدم قدرة بعض المخرجين على المجازفة، والتأطير الّذي يتّبعونه في التّعامل أمر مُلغى من أسلوب إخراج رشا. فهي قادرة دائما على تقديم أي ممثل بشكل مختلف عن الآخر، فقصي خولي “علاء” في “أشواك ناعمة” 2005 بعيد كل البعد عن “سامر” “غزلان في غابة الذئاب” 2006، والقديرة سمر سامي “سهيلة” في زمن العار مختلفة عن أعمالها المرتبطة بالأم الحنون، أو الزوجة الطّيبة. بالإضافة إلى أن رشا تأخذ بيد الفنان إلى بر الأمان عند تجسيده لشخصية جديدة عليه.


رشا هشام شربتجي: داعمة للوجوه الجديدة 

 

غير المخاطرة في الخروج عن المألوف والتأطير، تأتينا رشا بمخاطرة أُخرى وهي الظّهور الأوّل للفنّان، فعلى سبيل المثال النجمة “كندة علوش” هي من أهم نجمات سوريا في العالم العربي ودخلت الدراما والسينما المصرية من أوسع أبوابها علماً أن ظهورها الأوّل كان من خلال شخصيّة “ريما” في مسلسل أشواك ناعمة فعرّفت رشا الجمهور على موهبة كندة.


وفي مثال آخر تأتينا النجمة الشّابة “دانة مارديني” الّتي حجزت لنفسها مكانة خاصة بين أبناء جيلها في الدراما فلَفَتَت الأنظار من خلال شخصيّة “حنين” في الولادة من الخاصرة لتتوالى بعدها الأدوار وتغدو مطلب المخرجين والجماهير في آن معاً, ففي حصادها الحالي لنجاح “لينا” في مسلسل “تانغو” خير برهان.


كما يمكننا أن نستذكر “مرام علي” الّتي لفتت الأنظار من خلال شخصيّة “سالي” في مسلسل بنات العيلة، لتكرّر التّجربة مع رشا في مسلسل “شوق” الّذي بدوره تضمّن وجوه شبابيّة جديدة نسبيّاً مثل: “كنان حميدان” “أنس طيّارة” “روزينة لاذقاني” “علي الابراهيم” لتؤكّد رشا عملاً بعد آخر أنّها “لا تخشى شيء” على رأي “أبو مقداد” في الولادة من الخاصرة.


رشا هشام شربتجي.. وشهادات تقدير

كانت وما زالت رشا صديقة لمسيرة العديد من النجوم، الكبار منهم والصّغار. فشكّلت جزءاً من ذاكرتهم، وارتبطت بمراحل نجوميّتهم فكان لها منهم كل التقدير:


 الكبير هشام شربتجي “شيخ الكار”:
أريد أن أعترف لرشا بأنني أغار منها، وأطلب إليها أن لا تنجرف تُجاه ما يريد المشاهد. بل كما تحب هي، وأريد أن أقول أنها امتلكت أدواتها الخاصة كمخرجة.


 الكبير “يحيى الفخراني”:
وهل من شهادة أكبر وأهم من أن يطلبها العملاق يحيى الفخراني لإخراج أحد أعماله؟


الإعلامي زاهي وهبي:
ها هي الفنّانة الشّابة قد كبُرت، وقد كبُر اسمها. وصارت علامة فارقة يكفي أن توقّع عملاً دراميّاُ حتّى يضمن له النّجاح وحب النّاس.


 النجم عابد فهد:
تجربتي مع رشا طويلة، والتجربة معها مضمونة، حريصة على كل الممثّلين، دقيقة بكل التّفاصيل.


النجمة كندا حنا:
رشا إنسانة بالمطلق، عصبيّة بعض الشيء لكنّ هذه العصبيّة نابعة من إحساسها العالي بالمسؤوليّة، وتسعى دائماً للأفضل. أنا أُحسَد لأن رشا هشام شربتجي صديقتي، فأستمد منها القوّة، وعلّمتني الكثير من الأمور. رشا هشام شربتجي اسم يُمكن أن يسجّله التّاريخ، لا أعلم إن كنتُ أُبالغ، لكنّ هذا ما أراه لأنها امرأة صاحبة كيان، قويّة.


المونتير إياد شهاب أحمد:
رشا شخصيّة صعبة، والتعامل معها غير سهل وذلك لأنها تحب عملها بشكل كبير، هي رشا الإنسانة والصّديقة، وعوّدتنا دوماً بأنّها معنا.


 النجمة رنا شميّس:
في كل دور أجسّده بإشراف رشا يكون هذا العمل إضافة حقيقيّة لمسيرتي الفنّيّة، فهي دائماً تراني بطريقة مختلفة ومتجدّدة أيضاً.

الشّهادات لا تنتهي بها، والحب لأعمالها لا يقلّ، فهي تزيدنا تعلّقاً بها وبحضور أعمالها على طول الطّريق.. فأي طريق ستسلك بنا رشا شربتجي المواسم المقبلة؟!