“عرسان آخر زمن” الكوميديا التي نشتاق إليها

 

في سابقة دراميّة فريدة من نوعها عام 2003 اجتمع طاقم عمل متكامل لنقاش قضيّة “البحث عن العريس المناسب” في العالم العربي والمجتمع السوري بشكل خاص، فانطلق “داوود شيخاني” بكتابة 36 حلقة أخْرجها “أيمن شيخاني”.

تدور أحداث المسلسل حول الفتاة الصيدلانيّة المُتأخرة في الزّواج “حكمت أميرداش” والّتي لعبت دورها النجمة “فرح بسيسو” لتُقابل نماذج مختلفة من الرجال الّذين يتقدّمون إلى خطبتها فيستعرض العمل أصناف تحمل صفات مختلفة ومتجدّدة في كل حلقة.


“عرسان آخر زمن” شموليّة ودراسة مُعمّقة

كما ذكرتُ سابقاً، قدّم هذا العمل نماذج مختلفة عن الرجال، فهناك الثّري والفقير والبخيل والنّاجح والفاشل والمغرور والوسيم والخائن والمشهور والمغمور والمريض. كما قدّم مِهَن مختلفة فهناك الطّبيب ورجل الأعمال والمطرب والرّياضي والرسّام ومصمم الأزياء والتّاجر والإعلامي والعاطل عن العمل، ومن مُختلف الأعمار. هذا كلّه تحت إطار وعي ظاهر من قِبَل الكاتب ودراسة عميقة لطباع الشّخصيّات الّتي تقابلها الفتيات في المجتمع.

كما قدّم أصناف مختلفة من الفتيات، فالعقلانيّة، أو الرومانسيّة الّتي تقبل بالقليل من المال والكثير من الحب، أو المُتطلّبة الّتي لا تقبل بالقليل وتريد شريك متكامل عاطفيّاً ومادّياً.


“عرسان آخر زمن” كرت عبور للكثير من النّجوم

الأمر غير مقتصر على اختيار النجمة “فرح بسيسو” لتقديم دور البطولة “حكمت”، أو الاستعانة بالكبيرة الراحلة “نبيلة النابلسي” في تقديم شخصيّة أم البطلة “أم حكمت”. فهناك الكثير من الممثّلين والممثّلات الّذي سنَحَ لهم المسلسل فرصة لتقديم أنفسهم لعالم الفن مثل: النّجمة “ديمة قندلفت” في شخصيّة “ديمة” صديقة البطلة المُقرّبة، والقديرة “سحر فوزي” خالتها، والقدير “عادل علي” “الخال نشأت”، أو “يارا خليل” في شخصيّة “أمل” شقيقة البطلة، وخاطبها “رفيق” الّذي لعب دوره النّجم “ميلاد يوسف”.

وعلى اعتبار أنّ العمل قدّم نماذج مختلفة للعرسان. فمن البديهي تقديم شخصيّات فنّية مختلفة لتقوم بأدوارهم فكان كل من: غسّان مسعود، عابد فهد، قصي خولي، باسل خيّاط، مكسيم خليل، رامي حنّا، الرّاحل نضال سيجري، جهاد سعد، سامر المصري، جهاد عبدو، مصطفى الخاني، وضّاح حلّوم، قيس الشّيخ نجيب، أندريه سكاف، إياد أبو الشّامات، محمّد آل رشي وغيرهم الكثير.


“عرسان آخر زمن” حوار هادئ مُثقّف

ضمن قالب حواري لطيف عالج العمل قضايا الزّواج والطّلاق والحب والغرام بطريقة عائليّة إن صحّ التعبير، أي دون اللّجوء إلى الابتذال في الخوض في التّفاصيل بشكل مزعج، أو بتجريح لمشاعر فتيات وفتيان المجتمع بأسلوب محرج لهم أمام الأهل. بالإضافة إلى التّطرّق لعادات العائلة الدّمشقيّة ذات الأصول التّركيّة من خلال شخصيّة الخال تحديداً، وتقديم هويّة المطبخ الدّمشقي الخاصّة بالحديث عن المأكولات الّذي يشتهر بها.


“عرسان آخر زمن” تجربة ناجحة في مقاربة الواقع

على الرغم من أنّ شخصيّة العروس “حكمت” هي صيدلانيّة ناجحة في عملها، ومن عائلة ثريّة. إلّا أنّها استطاعت إيصال مشاعر جميع فتيات المجتمع على اختلاف شرائحه، ونقلت همومهنّ الّتي قد تسبّبها صعوبة إيجاد شريك الحياة من أرق وقلق وتفكير في المستقبل المجهول دون نصف آخر وأولاد وعائلة ومنزل. بالإضافة إلى البساطة وعدم التّكلّف في إطلالاتها عند تقديم نفسها لأي عريس يتقدّم لها.


“عرسان آخر زمن” هويّة بصريّة بإمكانيّات متواضعة

كون العمل من تأليف: “داوود شيخاني” وإخراج “أيمن شيخاني”، كاتب السّلسلة الخياليّة المشهورة “كان يا ما كان” ومخرجها لم يستطيعا منع مخيّلتهما عن استعراض مشاهد من عالم الخيال. ففي كل حلقة من المسلسل هناك مشهد مُفتَرَض حيث تقوم حكمت بتخيّل نفسها مع عريس الحلقة بمشهد كوميدي متخيّل يتخلّله حركات متنوّعة في المونتاج: كالطّيران في الهواء، وإصدار وميض من العيون، أو غيرها من الحركات البسيطة الّتي ميّزت العمل عن غيره من الأعمال. بالإضافة إلى استخدام الأزياء المصطنعة الموائمة لهذه النوعية من المشاهد.


تطرح الدراما السّوريّة المعاناة في إيجاد النّصف الآخر حتّى هذا اليوم بأساليب معالجة مختلفة، وطرح مختلف، إلّا أن “عرسان آخر زمن” سابقة دراميّة متكاملة