طريق النحل.. أم طريق الفحل؟؟!!


توافَدَ بعض النجوم السوريون والصحفيون إلى العرض الأول الخاص لفيلم طريق النحل في سينما سيتي بدمشق. الفيلم الذي ألّفه وأخرجه وشارك في بطولته أيضاً المخرج السينمائي “عبد اللطيف عبد الحميد”.

يروي الفيلم في لقطاته الأولى الكوميدية قصة كاستنغ يجريه مخرج بحثاً عن ممثلة فيجذب انتباهك لتعتقد أنه سيكون فيلماً من الطراز الرفيع، لكن ما إن تدخل في تفاصيل الأحداث حتى تلاحظ أن هناك كَماً كبيراً من الأغلاط والتشتت والمشاهد غير المُبَرَّرة.

بالنسبة للفكرة بداية لم يقدم الفيلم أي جديد، إنما مجرد قصة مستهلكة لفتاة تتوه مشاعرها بين ثلاثة رجال مختلفي الصفات، ضمن مدينة دمشق الغارقة في حربها.

بالنسبة للأحداث ثانياً:
يتضح التشتت بالأفكار بشكل كبير فنجد أنفسنا في قصة ضمن قصة وتنتقل بنا المشاهِد من مكان لآخر بشكل عشوائي من دمشق إلى طرطوس، إلى مشفى إلى مسلخ، إلى كلية الطب البيطري إلى بيت دمشقي قديم!!! وكأن الكاتب يريد تشتيتتنا عن شيءٍ ما أو ليوصلَ لنا فكرة الضياع الذي تعاني منه بطلة العمل لكن بطريقة لم تكن ناجحة تماماً.

بالنسبة للأخطاء ثالثاً:
منذ البدء تعرّفنا على العائلة المكونة من أخ وأخته اللذَين فقدا عائلتهما بالحرب في حمص لِيَجيأا للشام ويسكنا في إحدى حاراتها القديمة، وأن هذه العائلة “محافِظة و ملتزمة” لدرجة أنها تنام باكراً، لكننا نجد بطلة العمل رغم هذا التنويه ترتدي أقصر الفساتين وتدخل مجال التمثيل أيضاً، وليس بدور عادي كمبتدئة إنما بدور لا يخلو من الإغراء وكل هذا بموافقة أخيها “المحافظ” الذي يعمل في مسلخ!! بالإضافة أننا رأينا أنه من الطبيعي لعائلة “محافظة” أن تبقى لوحدها في المنزل مع شاب أعزب يحبها!! فانقلب مفهوم “المحافظة” المعتاد عليه في سوريا 180 درجة، و قد شكّل اللابتوب الذي تملكه بطلة العمل مشكلة عويصة، فهو دائماً قيد العمل وشاشته مفتوحة وبرنامج سكايب يعمل عليه باستمرار كي يأتيها عند كل مشهد ذروة اتصال ابن خالتها بشكل متكرر حتى حينما تَهُمُّ البطلة في الخروج من المنزل!!

وعلاوةً على مهنة التمثيل التي مارستها البطلة فهي تدرس الطب البيطري أيضاً، ومن المعروف أنه لا يوجد كلية ولا حتى معهد للطب البيطري في دمشق إنما مركزه في محافظة حماة، والمفاجأة التي حدثت هي أن يموت بطل الفيلم “رمزي” ثم يخرج من براد المستشفى لينكشف أنه عاش فجأة بعد قدوم محبوبته لرؤيته وأن هذا الخطأ حدث نتيجة كثرة الجرحى والقتلى في المستشفى فدخل “رمزي” البراد بالخطأ مع أنه يعمل هو أيضاً في المستشفى كمُسعِف.

كما أن “ليلى” تعشق بسرعة لدرجة أنه من أول نظرة أحبّت شخصين مختلفَين وتركت حبيبها الذي قضت معه عمراً ينتظرها في ألمانيا ويقوم بتسيير أوراقها لتسافر لعنده بعد وعود كاذبة منها.

وبالمناسبة كانت أوراق سفرها سريعة جداً لدرجة أن الفيزا كانت جاهزة خلال أقل من شهر مع أن الواقع السوري هناك مُنافٍ تماماً لما تحدّث عنه الفيلم هُنا، فمعاناة السفر ولمّ الشمل تدور في إجراءات معقدة جداً قد تطول لمدة سنة أو أكثر

 

بالنسبة للجرأة رابعاً:
حاول المخرج التركيز على الجرأة في الطرح ببعض المشاهد لكنها لم تكن متميزة، فإظهار الملابس الداخلية لفتاة تقوم باختبار التمثيل أمام المخرج كان مشهداً جيداً إخراجياً لكنه ليس مبرراً، كما رأينا أن هناك طفلاً يسأل جدّه أسئلة جنسية غريبة وجديدة عليه مثل “ما الفرق بين الصدر و البزاز؟ !!!”
أو “ماذا تعني كلمة “فحل”؟؟”

ودون أن نفهم ما غاية هذه الأسئلة وما الدافع لوجودها في العمل أصلاً؟ أو بماذا خدمته؟ لم تضف سوى ضحكة بسيطة من الجمهور الذي تستهويه حكايا كهذه دون أي ترميز واضح يفيد العمل

أما عن الأداء خامساً:
فإن إمكانيات “جيانا عنيد” أكبر من هكذا مستوى بكثير، فهي لم تُخرِج كل ما لديها، ولم تتأثر كما يجب، ربما لأن النص أضعف من أدائها، وبدا دور “يامن الحجلي” بسيطاً وكأنه ثانوي، أما عن النجم “بيير داغر” فلم يكن من الصعب عليه أداء دور الرجل الوسيم فهو لم يضف لشخصياته التمثيلية السابقة أي جديد يُذكَر.
كما أن ظهور بعض الفنانين في مشهدين أو ثلاثة وربما مشهد واحد مثل “قاسم ملحو” و”غادة بشور” و”سلاف فواخرجي” لم يكن إلا حشواً واستقطاباً للجمهور والصحافة بأن “هذا الفنان قد شارك في العمل” حتى لو كان دوره مهمّشاً.

 

ومن كل تلك المعطيات نجد أن العمل رغم رؤيته البصرية الجيدة إخراجياً -تحديداً في المشهد الأخير- الذي كان مميزاً لكنه جعلنا نشعر أن كل هذا الفيلم أُنْتِجَ لأجل هذا المشهد.
إلا أن “طريق النحل” لم يقدم للسينما السورية فكرة عظيمة أو متعة خاصة، بل مجرد قصة عادية تصلح كحلقة واحدة ضمن مسلسل أهل الغرام أو ما شابهه.
فكان الفيلم مجرداً حتى من اسمه الذي لم يتبين لأحد لِمَ أُطلِقَ عليه اسم أغنية من أروع أغاني السيدة فيروز.

 

#جوان_ملا