حكاية السينما بين الماضي والحاضر

بقلم المخرج بسام هاشم

اعتبر الناقد الفرنسي من أصول ايطالية ” ريتشيوتو كانودو” السينما عنصراً من عناصر الفنون بعد العمارة والموسيقى والرسم والنحت والشعر والرقص، ورأى كانودو بأن السينما تجمع كل أنواع الفنون خلف شاشتها البيضاء العريضة لذلك أطلق عليها اسم “الفن السابع”.

ولعل أوروبا قد أيقنت نظرية كانودو باكراً وأعطتها اهمية كبرى من خلال مخترعين وباحثين كثر، فكان أول فيلم سينمائي في العالم لا يتعدى العشر دقائق في فرنسا، وسرعان ما لحقت أمريكا بهذه التقنية البصرية المثيرة للاهتمام حتى صنعت عالماً سينمائياً يعيشه سكان الأرض جميعاً بقصصه وشخصياته وأفكاره وممثليه وهو “هوليوود” وليكون هنالك توازن على هذه الأرض تأسست فيما بعد وبأقصى الشرق في الهند صناعة سينمائية خاصة وفريدة وهي “بوليوود” لتتبعها بعد ذلك الصين واليابان وروسيا والعالم العربي.

وقد ازدهر هذا الفن حتى أصبح صناعة ودخلاً أساسياً من الدخل القومي للدول، ناهيك عن مدى أهميته وتأثيره على الناس والمجتمع من خلال القصص والحكايا التي تعكس حضارات وثقافات الشعوب بكل حرية وجرأة على قطعة القماش تلك التي تطورت ضمن موجة التطور التكنولوجي الحديث لتصبح ثلاثية الأبعاد وبنظام عرض فائق الدقة.

ولكننا للأسف ما زلنا في عالمنا العربي نفتقر لهذا التطور البصري إضافة إلى العناصر الأساسية الهامة في صناعة الفيلم السينمائي من قصة وفكرة وتقنيات فنية وإخراجية. على الرغم من محاولات فردية من شركات إنتاج أطلقت على نفسها “شركة إنتاج سينمائي” محاولة دخول سوق المنافسة أمام أكبر عمالقة هذا السوق “هوليوود وبوليوود”، ولكن لم تكلل بالنجاح وإنما بفشل وسقوط مدوي للسينما العربية في سراديب بعيدة عن الواقعية الاجتماعية التي نعيشها. وحيث أن مصر هي الأقوى عربياً في إنتاج الأفلام السينمائية من أيام الأبيض والأسود حتى يومنا هذا، ومع محاولة دول أخرى من الدخول في المنافسة عربيا ومن أهمها سوريا ولبنان من خلال إنتاجات سينمائية مشتركة أو مستقلة ولكن لم تستمر طويلاً فقد أرهقها تكاليف الإنتاج الضخم ومواقع التصوير البعيدة بمعدات ثقيلة وباهظة الثمن.

 وبذلك أثبتت السينما المصرية تفوقها واستحواذها على أكبر رصيد جماهيري عربي لعدة عقود إضافة إلى الوجوه السينمائية التي أصبحت أيقونات في الفن السابع العربي حتى وصلت إلى حد شهرة فنانين عرب من خلال السينما المصرية مثل باسل خياط، تيم حسن، باسم ياخور، كندة علوش، هند صبري، ظافر العابدين وآخرين. واعتبرت السينما صناعة ذات دخل وطني ممتاز للدولة والمنتجين، فكثرت شركات الإنتاج الخاصة حتى أصبح تاجر الخضار والفواكه يفتتح شركة إنتاج سينمائي ويفاجئنا بعمل سينمائي من عيار “البطيخ “الذي ليس فيه سوى الطاخ والطيخ بحثاً عن المال والسلطة وبنات الهوى.
ورغم كل هذا وذاك، إلا أن السينما المصرية مازالت محافظة على مستواها عربياً من خلال نخبة من الكتاب والمخرجين وأصحاب الفكر الفني اللذين يواصلون عطائهم بإنتاج أفلام على سوية عالية من الاحتراف والتنفيذ، تجعلها تخرج من المنافسة المحلية لتدخل السوق العالمية وتنافس بأبطالها ونجومها، أفلام ونجوم هوليوود. حيث شهدنا في الآونة الأخيرة مشاركة عربية مهمة جداً مثل الفنان غسان مسعود وجهاد عبدو وعمرو واكد، أكدت على جودة الفن السابع عربياً بالرغم من الصعاب والعثرات المستمرة التي يواجهها العالم العربي اجتماعيا وسياسياً، خاصة ما سُمي “بالربيع العربي” والذي أثر على قطاع الإنتاج السينمائي كثيراً مادياً وفكرياً، وغير مفاهيم عديدة في السينما المصرية والعربية.