حكايات “المشاهير” في الدراما السورية


 

 بقلم محمود المرعي

نراهم من خلف الشاشات في وسط المنازل، نعجب بهم، نحبهم، ونحسدهم في الكثير من الأحيان. هم المشاهير تسحبهم أضواء الشهرة، تلفت نظرهم أحدث التصاميم، وتبرق أعينهم أمام الأجور الباهظة،  تلك الأفكار التي تراودنا حول أهل الفن، حول النجوم والمشاهير في درامانا السورية.

كثيرا ما ظننّا أنهم يرتدون ثوباً من المثالية، لا يحق لهم العبث في الحياة، ولا يحق للحياة أن تعبث بهم. إلا أن هناك صراعاً عند المشاهير مع حياتهم ومستقبلهم وظروفهم الاجتماعية. وكثيراً ما قامت الدراما السورية بمناقشة هذا الأمر عبر العديد من الأعمال التي عرضت على اختلاف الفترات الزمنية. ناقشت وحللت وكشفت لنا نحن المشاهدين، أن النجم يخطئ، يندم، يضحك، ويحزن، ويجامل في الكثير من الأحيان!!

بهذا الصدد،  يمكننا مراجعة العديد من هذه الأعمال:

1- مسلسل “دنيا” (2000، تأليف: أمل عرفة ومجموعة كتاب – إخراج: عبد الغني بلاط)

من منّا لا يعرف دنيا “أمل عرفة”، خادمة المنازل العفوية والتي لا تجيد الكذب، تحكي ما لها، وما عليها دون لف أو دوران؟!

في إحدى حلقات هذا المسلسل، تقوم دنيا بالعمل لدى ممثلة شهيرة دارين “صباح بركات” لتغوص في غمار حياتها الشخصية، حيث تتبع زوجها وتساعدها في رؤية ابنها لقليل من الوقت كما تقف في وجه أخيها الطامع في مالها، وتطرده من المنزل.

خلال الحكاية يقوم أحد الإعلاميين باستضافة دارين في برنامجه الذي يعرض على الهواء مباشرة من منزل الضيف. يبدأ اللقاء بطرح الإعلامي مجموعة من الأسئلة على الممثلة دارين تدور حول حياتها الشخصية، تصرفاتها وعاداتها، وكل ما يتعلق بها. دارين بدورها تجيب عن الأسئلة بمثالية مطلقة محاولة إخفاء جميع الثغرات لتعطي للجماهير انطباعاً مثالياً متكاملا حول حياتها. إلى أن يقوم الإعلامي باستضافة دنيا لقليل من الوقت، وهنا تفضحها دنيا بعفويتها المطلقة وعلى الهواء مباشرة، ظنّا منها أنها تساندها وتظهر الجوانب المشرقة فيها أمام كل المتابعين. تتكلم دنيا في اللقاء عن نوم دارين حتى الظهر، عن تعبها النفسي والجسدي، عن ولدها البعيد عنها، وعن أقاويل حماتها حول عملها كفنّانة، وعن أخيها الطامع في أموالها، فتقلل بذلك من رصيدها الجماهيري.

 

2- مسلسل” الفصول الأربعة (2001، تأليف: ريم حنّا، دلع الرحبي- إخراج: حاتم علي)

 

المسلسل السوري الذي ما زال الجمهور يشاهده حتى يومنا هذا. في احدى حلقاته،  تعلم مايا الجوربار “رباب كنعان” أن ممثلها المفضّل نائل عبد المجيد، سيقوم بتصوير مسلسله الجديد في منزل خالتها.

نائل هو نجم مايا المفضّل حيث انتظرت قدومه بفارغ الصبر وأقامت العديد من المشاهد معه في ذهنها. كما تخيلت علاقة مع كل الأشياء التي سيتعامل معها، حتى جرس المنزل!! أحبّته دون أن تدري وطالبت والدها رجل الأعمال الكبير بتأسيس شركة انتاج يديرها نائل عبد الحميد.

 وحين جاء موعد التصوير تأخر نائل عن الموعد، مستهتراً بكل طاقم العمل من مخرج وإضاءة وصوت وممثلين!! ليصل أخيراً ويشتم أهالي الحي الفقراء ناظراً إليهم نظرة دونية تخلو من الإنسانية. وهكذا تدخل مايا في حالة من خيبة الأمل، وصدمة حقيقية بأحد المشاهير التي رسمت له في خيالها صورةً تفوق حقيقته.

 

3- مسلسل “عشتار” (2003، تأليف: أمل عرفة – إخراج: ناجي طعمي)

عشتار الفتاة القبيحة، صاحبة الصوت الجميل التي انفصل والديها منذ أن كانت صغيرة فسكنت مع جدتها.  تقع في حب رامز “عبد المنعم عمايري”،  مدرسها في الجامعة فيقوم باستغلالها بعد أن علم أن جدّتها قد سجلت المنزل باسمها. يقنع عشتار بالتنازل له عن المنزل ثم يبيعه ويفرّ هارباً.

بعدها تجري عشتار العديد من عمليات التجميل بإشراف أحد رجال الأعمال الأثرياء ليجعلها تشبه زوجته، فتقوم بمواجهته بالأمر ليصاب بنوبة قلبية أدت إلى موته. ثم تمر الأيام وتحيي عشتار التي أصبحت لاحقا “نيرمين” العديد من الحفلات وتصدر الأغاني التي جعلت منها مطربة مشهورة ومحبوبة في مدة قصيرة، حتى يشتد عودها وتواجه والدها وعائلتها ورامز الذي سخر منها وجعلها أضحوكة بين جميع الناس لتنتقم منه وتمضي قدماً في الحياة الصعبة.

بعدها تنتشر صورها القديمة أي قبل عمليات التجميل ويفتضح أمرها أمام جمهورها فيخبو نجمها تدريجياً.

 

4- مسلسل “وشاء الهوى” (2005، تأليف: يم مشهدي – إخراج: زهير قنوع)

ليث “باسل خياط”، الشاب الجامعي الفقير. يحب ليلي “ديمة قندلفت” فيقدم على خطوبتها، ليطرده شقيقها من المنزل بسبب فقره الفاحش ويمضي ليث حاقداً وناقماً.

يمتلك ليث صوتاً جميلاً  يؤهله للمشاركة  في أحد برامج المواهب. ومن خلال البرنامج يحرز نجاحاً باهراً. ويقوم ليث بتوقيع عقود مع شركات إنتاج تقوم باستغلاله وتفرض لصالحها النسبة الأكبر من الأجور التي يجنيها. كما تحرمه من خصوصيته في التنقّل.  فيحرم من كل الأماكن التي يفضّلها ومن أصحابه الذين يفضّلهم. كما يبتع عن حياته العفوية التي طالما أحبّها،  ليستمر في حياته مرتدياً أقنعة لا تعبر عنه.

 

5- مسلسل” الغفران (2011، تأليف: حسن سامي يوسف – إخراج: حاتم علي)

يعرض هذا المسلسل شخصية الإنسان الشهير بقالب مميز من خلال شخصية الممثل الشهير “مهيار خضور”  زير النساء المغرور وسليط اللسان الذي اعتاد دائماً أن يلفت أنظار النساء من حوله.

يعجب في احدى الفتيات وفاء ” تاج حيدر” ويطلب منها القدوم إلى منزله. تقابله بالرفض غاضبة وصارخة في وجهه مما يشكل لديه تحديّاً في حلقات المسلسل.

 

6- مسلسل “قلم حمرة” (2014،  تأليف :يم مشهدي – إخراج: حاتم علي)

ورد “سلافة معمار”،  الكاتبة المعروفة تخوض  في المسلسل صراعاً في علاقتها بزوجها التي تنفصل عنه فيما بعد كما تخوض صراعاً في علاقتها مع والدتها التي تقوم بتمييز أخوتها الذكور عنها. فنرى ورد حزينة دائماً، ممتعضة دائماً،  خائفة على ولدها الوحيد دون امتلاكها إحساس الراحة.

تضطر ورد كثيراً إلى مجاراة المنتجين لأجل إمدادها بالمال كي تقوم بدفع التزاماتها من فواتير وأقساط مدارس.  إلا أنها تقوم أحياناً بالخروج عن هذه الأقنعة وتظهر وجهها الحقيقي مستغنيةً بذلك عن أقلام الحمرة.

وما إن تنفصل عن زوجها،  حتى تقع في غرام طبيب نفسي تيم “عابد فهد”،  فتهيم به عشقاً  وتقوم بالتفضيل بينه وبين ابنها الوحيد. كما تظل تائهة إلى أن تُرمى في أحد السجون بسبب آرائها السياسية.

 

7- مسلسل “مذكرات عشيقة سابقة” (2017، تأليف: نور شيشكلي – إخراج: هشام شربتجي)

شخصية ديالا “نيكول سابا”، الممثلة المشهورة التي تتزوج من رجل حرب يقوم بالمتاجرة  في الآخرين عابد “باسم ياخور”. يقوم عابد بضربها دائماً حتى يعود حبها السابق فتتعلق به مجدداً وتقوم بخيانة عابد فيكتشف أمرها ويقوم بحرمانها من ابنتها الوحيدة تاليا.

تحاول ديالا مراراً البحث عن تاليا وتستجدي عابد مراراً ليعيد ابنتها إليها. لكن  تنتهي جميع محاولاتها بالفشل.  فيتملّكها اليأس وتقوم بالانتحار مطلقةً رصاصة في عنقها.

 

هنالك أيضاً الكثير من الأمثلة  وقصص الزواج  والطلاق والانتحار التي يتعرض إليها المشاهير التي تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي.

فهل يشترط على النجوم البقاء في أبهى حالاتهم طيلة الوقت؟! هل يشترط عليهم ارتداء ثوب المثالية في كل اللقاءات؟ أم أن الجمهور بحاجة لوجوههم الحقيقية ليتعامل معهم على هذا الأساس؟! وهل الجمهور طرف حقيقي في حياة النجم يزيد الأمر صعوبة، ويساهم فيما يجري في حياة المشاهير؟!

فكم من “مايا جوربار” خاب أملها في نجمها المفضل؟!  وكم من “عشتار” خاب أملها في جمهورها؟!