النضال باقي في الربيع الرابع : العطاء مسيرة وليست محطة

 

 

كان عام 1996والتلفزيون السوري يقدم سهرات درامية حين أطلّ في سهرة “الشجر لا ينبت على الحجر” ولكن النبوءة كانت معاكسة حين استطاع ابن اللاذقية ذي الأصول الإدلبية، أن يحمل عبق ضيعة الأجداد سيجر أينما حل عبر اسمه فيقدم ما تخطى المائة عمل في عشرين عام فقط.
من انتسابه إلى نقابة الفنانين في عام 1991 رسم نضال خطاً استثنائياً لحضوره، لم يقارن بفنان سوري سبقه ولم ينافس أحداً من زملائه على الساحة. التميز كانت السمة والبداية باكراً مع العبابيد وسيرة آل الجلالي ومن يبدأ مع الكبار لا يلبث أن يغدو منهم.
نحو حفر أخدود جديد في خريطة الدراما السورية كان نضال من رواد بقعة ضوء الأوائل عبر المواسم الخمس الأولى، وجنباً إلى جنب يراوغ بذكاء في ملاعب الدراما الاجتماعية والتاريخية. وفي الظل حيث لا أضواء شهرة حارقة عمل في مسرحه بصمت وهدوء فقدّم كذا انقلاب لشخصيته على خشبة تشربت عرق نضال وأي عرق أثمن من عرق النضالات في تاريخ المسرح؟!
ولو تأخرت فرصة البطولة المطلقة كان نضال خير مستعد لها في تجربة استثنائية للدراما السورية، سحب نضال خيوط النص من يد الكاتب ممدوح حمادة وراح يغزلها فناً بالملامح وحركة الشفاه حتى فجرّ ألم المضطهد من القريب قبل الغريب في ضيعة ضايعة. سيمر زمن كثير ولن ينسى العالم كيف يتحرك أسعد الخشروف، يطلق الرهانات، يكتشف الخديعة، يتمرد وفوق ذلك كله يحب بلا أي مقدمات. لو لم يكن نضال، من كان سيختصر المواطن البسيط في أرياف اللاذقية بهذا الدهاء، وبهذه القدرة الفائقة على الإمتاع حد الاستغراق.
تعب نضال، استدار في كرسيه بالمشهد الأخير بعدما نفخ في الهواء الشعر المستعار. هو الذي حاور يوماً الكبار في أنت ونجمك لربما كان يدرك سر نجوميته ولا يعرف مداها، حتى حفر بآخر إطلالاته ورغم صمتها الموجع مشاهد لاتنسى في الخربة وبنات العيلة.
نضال يؤكد حتى اليوم بعد أربع سنوات على الغياب أن العطاء مسيرة وليست محطة، فرحيله لليوم موجع كوجع الوطن الذي آلم نضال في أيامه الأخيرة، لكنه كذلك الوطن أيضاً نعيشه داخلنا، نحبه داخلنا ونوقن بكل فخر أننا لسنا أقل من أي شعب على وجه الأرض فإذا كان لدى الغرب شارلي شابلن فلدينا وبكل إيمان بسمو روحه “نضال سيجري”