هل تسمع غناء الشعب؟ من آلتون جون والشيخ إمام.. حتى طوني قوبا وأنس أرناؤوط

بقلم: الدومري

هل تسمع غناء الشعب؟

 لم تكن هذه عبارة عن مقطع غنائي من فيلم سينمائي فقط، بل اعتُبرت من أفضل المقاطع التي ضمها الشريط السينمائي الغنائي لفيلم البؤساء.

وهي ملحمة غنائية بعُمقها الإنساني التحرري في ملحمة سينمائية لملحمة روائية ستبقى في مقدمة أعظم أعمال تاريخ السينما والفن والأدب والحرية والعدالة الاجتماعية.

رُفِعَ عنوان الأغنية في عدة مناسبات ومواقع احتجاجات كشعار في العديد من دول العالم، منها احتجاجات هونغ كونغ ٢٠١٤، ومظاهرات العراق ٢٠١٩ وغيرها، وتم تأليف نسخة عربية من الأغنية باسم “سامع صوت المقهورين” جمعت كل المتسابقين في برنامج أراب أيدول.

المحاور الكبير مروان صوّاف كان برنامجه الشهير بعنوان “إذا غنّى القمر”، ولكن “إذا غنّى الشعب”، ما الذي يستحق غناءُه؟!

الدومري سيضيء اليوم فانوس الأغنيات التي عبّرت  ووثّقت قضايا وأحداث الشعوب

قد يكون الغناء أحياناً لأحداث مفصلية، مثل حرب عام 1967 وهي نكسة مدوية في سجلات تاريخ العرب، ولكن عبد الحليم ألهب مشاعرهم بأغنية “عدّى النهار”.

بدأ الأبنودي كتابة هذه الأغنية من وحي اللحظة في حضور حليم بعبارة “عدىّ النهار” حتى وصل إلى عبارة “أبو النجوم الدابلانين” لكنّه توقف إلهامه بعد ذلك، فاقترح عليه عبد الحليم عبارة “أبو الغناوي المجروحين”، فاستأنف الأبنودي بعد ذلك الكتابة ليقدّما أغنية عبرت عن تطلّعات الشعب المصري.

الأغنية الأكثر رواجاً الآن بعد عرض جزء جديد من المسلسل الإسباني “La casa des papel” هي أغنية “Bella ciao” وتعني وداعاً أيتها الجميلة، وهي أغنية ثورية من الفلكلور الإيطالي في الحرب العالمية الثانية، من إيقاع المقاومة للحزب الإيطالي اللاسلطوي الاشتراكي وبقيت تعبّر عن روح الثورة الإيطالية ومعاني الحرية حتى الآن.

وبعيداً عن الأحداث، قد تكون الأغنية عن أفراد أثّروا في شعوبهم، وكان رحيلهم بمثابة الحداد الجماهيري الشامل، كوفاة السياسية إيڤا بيرون التي تولّت رئاسة الأرجنتين واعتُبرت الزعيمة الروحية للأمة، وشكّل وفاتها صدمة كبيرة عند الشعب الأرجنتيني، واستطاعت مادونا أن توثّق حياتها بفيلم سينمائي، ومن خلال أغنية “Don’t cry for me Argentina” عبّرت بها عن مشاعر الشعب الأرجنتيني.

كذلك استطاع آلتون جون أن يبكي الملايين بأغنية “Candle in the wind” التي غناها بعد وفاة الليدي ديانا بحادث مأساوي.

وقد تلبس الأغنية ثوب الهجاء والنقد السياسي لبعض الشخصيات، ومنها لما زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون مصر عام 1974 من بعد حادثة الووترغايت الشهيرة، وقرر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام أن يهاجموه بأغنية “شرفت يا نيكسون بابا يا بتاع الووتر غايت” مما أغضب السادات ووجه لنجم تهمة التعدي عليه شخصياً.

وحتى الفنانة الكويتية شمس انتقدت الرئيس الأمريكي جورج بوش والسياسة الأمريكية من خلال ڤيديو كليب أغنية “أهلاً إزايك”، وذيّلت الكليب بأنه من بطولة شمس وبوش.

 عرف الكثيرين شخصية راسبوتين من خلال أغنية فرقة البوني م، أو شخصية جيڤارا من خلال الأغنية التي خلدته، ووثّقت الأغاني أحداث كثيرة، كالحرب الأمريكية على الڤيتنام، ومجاعات إفريقيا، ومعاناة العبيد وغيرها من القضايا، لأن الفن يصل إلى المشاعر أكثر من أي خطاب سياسي أو نشرة أخبار، ووقع أغنية “عدّى النهار” كان أقوى على المصريين من خطاب جمال عبد الناصر!

في سورية عندما أردنا أن نوثّق الحرب وصفنا الفتيات بالطلقة الروسية، وكانت الطلقات تقتل السوريين يومياً، وبدلاً من إصدار أغنية توعوية في ظل جائحة كورونا قرر الفنان المطرب الموسيقار أنس أرناؤوط أن يتغزل “بأم الكمامة”، وفي عز الأزمات والعقوبات الاقتصادية قرر تلفزيون سورية دراما إصدار أغنية موجّهة للاتحاد الأوروبي بصوت الحساس الرقيق طوني قوبا بعنوان “الاتحاد الأوروبي ربكم نفسو ربي” وكأنَّ رئيس المجلس دونالد توسك يقضي أوقات فراغه في متابعة برامج الإعلام الرسمي!

لذا وقبل أن ينتهي فتيل فانوسي، قضايا الشعب السوري وأوجاعه اليوم باتت تحتاج فناً عاشراً كي يحتويه، وإذا أردنا أن نوثّق الذي يحدث أو نقدّم رسالة للعالم فذلك يحتاج لفن حقيقي يتعدّى كونه زمراً وطبلاً وسفقاً ورقعاً، والشعب الذي يتحمّل يومياً الكثير والقليل، وبات صبره ينفد رغم أنه طويل، “مو ناقصكم أنت وياه يا رزيل!.