قبل زمن «كورونا».. هل حدث الطلاق بين الدراما والأطباء؟!

بقلم: طارق العبد

قليلة هي الأعمال التي تخلو من شخصية الطبيب ولكنها في الغالب مرّت كشخصية ثانوية أو رُسمت لأداء بضعة مشاهد دون أن تدخل غالبية المسلسلات في عالم الطب وأجواء المستشفيات برغم ما تحمله هذه المهنة من كمية هائلة من المشاعر والحوادث اليومية المتصادمة والتي تنعكس بشكل مستمر على شخصية الأطباء وتظهر تفاصيل لا تبدو في حياتهم العادية.

قد تبدو المقاربة غريبة من نوعها ولكن اللافت أن شخصية الطبيب لم تكن أساسية في غالبية الأعمال الدرامية السورية مع استثناءات تراوحت بين المثالية المفرطة حيث أطباء يقدسون عملهم لصالح إهمال جوانب أخرى في شخصياتهم  كصورة الأطباء في مسلسلي “قلبي معكم” و”حكايا الليل والنهار”، أو الواقعية التي عكست إلى حد كبير تصرفات أصحاب الرداء الأبيض خارج وداخل عملهم بين المشافي والعيادات الخاصة كما في مسلسل” تخت شرقي”، فيما قدم مسلسل ” قلم حمرة” شخصية الطبيب الجراح الذي تحول للطب النفسي قبل أن يهجرها لصالح  حياته الأسرية المفككة، بينما أهملت أعمال درامية كثيرة علاقة الطبيب بمكان عمله أو شكله أو شخصيته ليكتفي بقول بضعة جمل لا أكثر تكون مكملة لمشهد ما.

وفي المقابل تزخر الدراما الغربية بقصص عن عوالم الأطباء وعلاقاتهم فيما بينهم لدرجة أن كثيراً منها حقق  شعبية واسعة استنسخت عربياً في مسلسل “لحظات حرجة” وسط آراء تراوحت بين المبالغة ونقل الأحداث كما هي دون مراعاة واقع المشافي في العالم العربي.

ومع أن كتاب الدراما السورية قد تمكنوا في حالات كثيرة  من سبر  أغوار العديد من المهن والشخصيات المركبة إلا أن تفاصيل شخصية الطبيب بقيت بعيدة عن مشاهدهم لاسيما في لحظات العمل المشفوي الإسعافية أو الحادة حيث تتضارب المشاعر بشكل متكرر دون أن تترجم في كثير من الأعمال المنجزة.

قد يتعلق الأمر ربما بحالة الإنتاج وخيارات المنتجين والنص معاً يتقاطع هذا مع حادثة جرت قبل ثلاث سنوات حين فكر أحد الاطباء في دمشق بتأليف عمل درامي يحاكي يومياته وزملائه وعلاقاتهم بالمرضى ليعقب أحد المنتجين بالقول: “لن يشاهد العمل سوى الأطباء الذين لا وقت لهم بالأصل لمتابعة الدراما”، فيما فضل منتجون آخرون عدم الخوض في غمار عمل لا يحمل شروط المتابعة المطلوبة للفضائيات.

غير أن سبباً آخر يبدو واقعياً ويتعلق بمتانة أو قدرة النص على تقديم شخصية الطبيب بكل مافيها من سلبيات وإيجابيات بعيداً عن هالة القدسية التي تحاط به في بعض الأحيان، قد يحتاج ذلك إذاً إلى مفهوم الورشات  المصغرة التي حديثاً ما بدأت تنتشر في الدراما أو الى مبدأ الحلقات القصيرة وقليلة العدد بعيداً عن شرط العرض لثلاثين حلقة.

فهل تطرق منصات العرض الافتراضية أبواب غرف العمليات وأقسام الطوارئ في زمن الكورونا بعدما هجرته قبل هذا الزمن!