بين التقليد والإبداع.. مشاهد تائه أمام الشاشة

Members of the Syrian group, Sima, psoe for a group picture after being named the winners of the pan-Arab TV program "Arabs Got Talent" at the MBC television station studios in Zouk Mosbeh, north of Beirut, on December 7, 2013. AFP PHOTO/ANWAR AMRO

بقلم: سالي حجازي


تزخر الشاشات العربية بالعديد من البرامج المنوعة ما بين برامج حوارية اجتماعية وأخرى ترفيهية غنائية وبرامج المواهب وحتى البرامج السياسية. غالبيتها باتت تتشابه في الأفكار وربما طرق الحوار، لكن لم يعد من المستساغ أن نصدق تطابق الأفكار والرؤية!
ووسط التدفق المستدام لهذه البرامج وبنسخ ومواسم متعددة، تنقسم الآراء حول البرامج المقلدة وتبريرات محبيها مجهزة دوماً ضمن عبارة مكررة “جميع هذه البرامج تقليد لبرامج أميركية وأوربية”
فهل هي برامج مقلدة بالفعل؟!


على أرض الواقع كما ذكرنا، يبدو التشابه أمر طبيعي حتى بالنسبة للبرامج السياسية، وإن كان أمر استنساخ البرامج في عصر الفضائيات يمكن التحايل عليه والاستناد إلى البعد الجغرافي الذي لن يوصل المشاهد للمحطات الأوربية، فلم يعد ذلك ممكناً في عصر الانترنت والانتشار السريع للمعلومة!
وعودة لسؤالنا وحتى نتمكن من الإجابة عليه يجب التمييز بين البرامج التي تشترى حقوقها من البرامج الأصلية. فهذه البرامج غالباً ما تحافظ على سوية البرنامج الأصلي وتظهر بذات الشكل مع مراعاة خصوصية البلد الذي تعرض فيه والمواضيع التي تعني جمهوره، من هذه البرامج البرنامج اللبناني “منا وجر” الذي اتُهم بسرقة فكرته من البرنامج الفرنسي “Touche pas à mon poste” إلا أن القائمين على البرنامج أكدوا مراراً بأن حقوق البرنامج قد تم شراؤها وتم تسوية الأمور القانونية والمالية لها.


أيضاً تطالعنا في القائمة برامج محطة MBC التي تحرص على شراء كافة الحقوق الفنية والقانونية قبل اطلاقها وتصويرها كـ برنامج Arab Idol، والذي تم عرضه بأكثر من نسخة في العديد من الدول بعد النجاح الذي حققه العرض الأول في بريطانيا باسم Pop Idol.
كما هناك برامج أخرى يتم إنتاجها من قبل شركات تقدم عدد من النسخ في دول العالم مع إعطاء حقوق عرض حصري لمحطات معينة كبرنامج المواهب Arabs Got Talent الذي تم عرضه على شاشة ام بي سي لخمسة مواسم وبإنتاج من قبل شركة “فريمانتل ميديا” التي أنتجت اشهر برامج المواهب في العالم.
فهي إذاً نسخ لبرامج عالمية وليست تقليداً لها. على العكس من برامج كثيرة شهدناها على محطات سورية بانتماءات مختلفة قامت بسرقة علنية دون أي شراء لحقوق فنية أو قانونية ودون إقامة أي اعتبار لمعرفة واطلاع المشاهد وحسن تقديره ومقارنته! سرقة طالت الشكل والمضمون ولم يكلف القائمين على هذه البرامج أنفسهم عناء ابتكار اسماء مختلفة عن اسماء البرامج التي تم تقليدها!
وليس خفياً أنه خلال الأسابيع الأخيرة شهدنا انطلاق برنامجين سوريين: الأول كان “كلام كبير” الذي بدا كتقليد حَرفي لبرنامج هيدا حكي اللبناني والذي يقدمه عادل كرم، والثاني هو برنامج السيناريو المشابه لبرنامج “البرنامج” الذي قدمه قبل سنوات الاعلامي باسم يوسف.
أما رد الفعل الأولي فكان إيعاز المستوى إلى ضعف الامكانيات والميزانيات وهي أمور اعتدنا على تقديمها كمبررات، ويصل الأمر أحيانا بالإشادة بكل ما هو دون المستوى لأنه استطاع ألا يكون في قمة السوء رغم ضعف الإمكانات! وحين يكون التشابه بحد مقبول هو أمر طبيعي أمر لا بأس به ضمن معايير إعلامية عامة فالقوالب متشابهة. أما المحتوى الذي تقدم به هذه البرامج هو ما يفترض أن يعمل المسؤولون عن إظهاره على تميزه وتفرده.
لربما في حالتي الاستنساخ والتقليد لا جديد نراه في الأفكار ولا جدّية في البحث عن نوع جديد من البرامج المناسبة للمشاهد العربي، برامج دون قوالب مستوردة من الخارج . إلا أن المهنية والاحترافية أمر لا يسعنا إلا احترامه مهما اختلفنا مع ما يتم عرضه، أمر نفتقده في كل ما يندرج تحت هوية سورية في الإعلام.