تولين البكري: زلزلتُ «الهيبة» وأبكيت نادين نجيم 

 بقلم: حسين روماني

وضعت النجمة السورية تولين البكري طبقها الخاص على مائدة «الهيبة»، وبمساحة لم تتعدَّ الستة مشاهد أذاقت ِ المتابِعَ طعمَ الألمِ لامرأة سورية عانت مع ابنتها في لبنان حتى أوصلها القهر حد الانتحار، أبدعت بالأدوات وتركت الأثر في النفوس، حتى أن البعضَ أراد المزيد ولم يشبع، فكانت كالبطولة المطلقة التي كسرت حدود الشخصية، كيف لا؟ ونجمة «تخت شرقي» لعبت الإحساس والمشاعر من المرة الأولى أمام كاميرا المخرج سامر البرقاوي، فاستحقّت من الجمهور علامة مميزة أُضيفَت إلى تاريخ مهنيٍ وَصَلَتْ به جيلين من الدراما.   

حديثنا مع بطلة «أيام شامية» بدأناه حول الإغراءات التي استدرجتها إلى «الهيبة» رغم قلة المشاهد والحوارات، فأجابتنا: “دخلت «الهيبة» وخرجت منها بستة مشاهد فقط، وما دفعني لخوض تلك التجربة سببان أولهما العمل مع مخرج له اسمه الكبير، بمسلسل نال نصيبه الوافر من المشاهدات والتقييم وفريق عمل متكامل، تلك نقطة ضمنت لي نصف النجاح كممثلة، فكان السبب الثاني وهو حبّي للشخصيات المركبة، صعبة الأداء، وصاحبة المعاناة، فأنا لا أبحث عن شخصيات ليس لديها ما تقوله”، وأضافت، “امتلكني الخوف في البداية، وسألت نفسي هل يمكن أن أترك أثراً في ذاكرة المتابع بهذا العدد القليل من المشاهد؟، ودون أية ضمانات لردة فعل الجمهور أنجزت مشاهدي، وأنا متأكدة من روعة النتيجة على العمل”.

 

 

دقة المساحة المعطاة لبطلة «دنيا2» لم تكن بالكبيرة، لكن الممثل الناجح أينما حلّ فإنه يترك أثره مبدعاً ومضيفاً لباقي مساحات العمل، وعن تعامل تولين البكري مع الدور قالت لنا: “بكل بساطة استحضرت أمومتي أمام الكاميرا، المساحة الضيقة للدور تطلّبت مني الغوص بتفاصيل الشخصية، واللعب على الإحساس والخصوصية بخوفها على ابنتها، وكوني أم حاولت وبدون فصل أن أستذكر مشاعر الأمومة، فأمام أي خطر تصبح الأم لبوة تدافع عن أولادها، وتستمد القوة من الضعف رغم الألم، جميع أدواتي وظفتها كي يصل الإحساس من المرة الأولى للأداء أمام الكاميرا في كل مشّهد”، وتابعت، “التعديلاتُ الحسيةُ والحركيةُ كانت الأكثر، ناقشت مع المخرج «باسم السلكا» الذي كان مشرفاً على وحدة التصوير الثانية ردود فعل الشخصية، وضعنا سويةً لحظات المبالغة ومكان الهدوء المفاجئ ما قبل الانتحار، ولم نقترب بنقاشنا كثيراً من الحوار بقدر ما ركزّنا على الحركة والفعل والشعور”.

جسَّدَتْ تولين البكري بأكثر من أربعين مسلسلاً شخصيات لا تنسى بما حملته من ألم أو ضحكة، وبألوان الدراما المتنوعة رسمت مكانها في ذاكرة المتابع، واليوم في «الهيبة» استطاعت بقليل من المشاهد أن تكون بطلة بين أبطال بشهادة الجمهور، وعن ذلك قالت: “صُعِقّتُ بالنتيجة، وصُدِمّتُ من ردود الأفعال الإيجابية، أحسست أنني أديت “بطولة مطلقة” بحسب الأصداء والتعليقات التي وصلتني، البعض سألني لماذا انتهى دورك مبكراً، والبعض الآخر انتابتهم حالة من القهر وعدم الإشباع من تواجد الشخصية في حلقات العمل، ما يؤكد أن الدور لا يُحسَبُ بعدَدِ مشاهدهِ، إنما طريقة الممثل في استخدام أدواته وتقديمه للجمهور حتى وإن كان مبنياً على مشهدٍ واحدٍ فقط، الكثير من الآراء أخبرتني أنني تركت الأثر الكبير بهذا الدور، الفنانة اللبنانية «نادين نسيب نجيم» كتبت لي على صفحات التواصل الاجتماعي أنني أبكيتها بمشهد من المشاهد، وحتى كاتب العمل «باسم السلكا» اعتراف لي بأنه نادمٌ على المساحةِ الصغيرةِ للدور، ولو عَلِمَ بأن الأداء سيكون على هذا المستوى لَوسّعَ الشخصية على خارطة السيناريو. 

 

العلاقة بين النجمة تولين البكري والمخرج سامر البرقاوي لسنوات لها مكانها الخاص في قلب بطلة «الواهمون»، علاقة مبنية على الاحترام والهدوء والثقة المتبادلة، وعندما سألناها عن تلك العلاقة قالت تولين البكري: “شهادتي مجروحة بالمخرج سامر البرقاوي، أول التجارب معه كانت منذ عقد من الزمن في مسلسل “مطلوب رجال”، أيضاً التقينا بخماسية “أهواء محرّمة” التي كانت من إخراجه ضمن خماسيات «صرخة روح»، ببطولة مطلقة جمعتني أنا والأستاذ عباس النوري”، وأضافت، “المخرج سامر البرقاوي يعطي الأريحية للممثل، هادئ وراقي ويعلم ما يريد، رؤيته الإخراجية جميلة، وبطبعي فإن التوتر يمتلّكني عندما أتعامل مع مخرج يتسم بالعصبية، لكنني وجدت مع المخرج البرقاوي الهدوء والوقت الكافي حتى الوصول للنتيجة المرجوّة، وأتمنى أن يتكرر التعاون بيننا”.

ختاماً، خصّتنا النجمة تولين البكري بتصريحٍ خاص، استغربت به من معاملة الفنانين السوريين لبعضهم في الوسط الفني، وباحت لنا بالقول: “معظم التهاني التي وصلتني كانت من دول العالم العربي، نجوم الفن في مصر ولبنان ودبي جميعهم غمرتني رسائلهم وكتاباتهم عني على وسائل التواصل الاجتماعي، ما عدا زملاء المهنة في سوريا وهذا أمر استغربته حقاً”، وأضافت، ” على مدار السنواتِ السابقةِ هنّأتُ الكثيرَ من زملائي بأعمالهم، أباركُ دائماً لكل صاحبِ نجاحٍ على نجاحهِ ولا تربطني حبال العلاقات الشخصية بهذا التصرف ولدي الحد الفاصل ما بين الحياة والمهنة، هنّأت العديد من نجوم الدراما السورية هذا العام كالأستاذ «عابد فهد» الذي كان فرحاً باتصالي معه، أيضاً الأساتذة «تيم حسن»، «شكران مرتجى»، «باسم ياخور»، وآخرين، بالمقابل فإن نجوم بلدي لم يباركوا لي، وكأنهم يجبرونني على التعامل بالمِثلْ ولكن لن تصيبني هذه الحالة لأنني سأبقى كما أنا مُتَرَفِعَةٌ دائماً عن أيةِ مجادلاتٍ، وكلّي أمل أن يُحِبَّ الفنانون السوريون بعضهم أكثر”.