أوركيديا: هل ينقلب السحر على الساحر؟!

 

 

عامان من الزمن والسيناريست السوري عدنان العودة يرسم في خيالاته شخوص ثلاثة ممالك تتصارع على العرش، لم يدرك أن الصراع المفترض قد يصبح على الأرض واقعاً قبيل أسابيع من عرض ممالكه الثلاث في الدراما.
أوركيديا المفترضة في سياق فانتازي لا يخلو من الإسقاطات على أنظمة الحكم وفجع السلطة، تطعن في الخاصرة برؤية العودة الذي يحمله جنونه الشعري إلى الحديث باندفاع. وهذا ما كان ليلة أمس بعدما نشر الكاتب على صفحته هجوماً باغت فيه مخرج أوركيديا حاتم علي وحمل في الهجوم أيضاً على الممثل إياد أبو الشامات. فما الذي حدث؟!
بدأ العودة هجومه معتبراً أن المسلسل خرج من يده كمؤلف وابتعد عن النص الأصلي المتفق عليه بينه وبين المخرج والمسلم للشركة منذ أشهر. وتابع عودة الاتهام بحق الفنان إياد أبوالشامات الذي اتفق مع حاتم علي سراً على تعديل خطوط في النص وبناء خط جديد هو قطاع الطرق.
لكن التهجم الذي أبداه العودة دفعه اليوم لإصدار بيان صحفي كي لا تتهافت الأقلام المحرضة وتزيد الطين بلة،
وإليكم نص البيان كاملاً:
“عملت على كتابة هذا المسلسل لمدة سنتين لصالح شركة إيبلا بالاتفاق مع المخرج حاتم علي، وقدم النص كاملا الى تلفزيون أبو ظبي ليصبح شريكا في انتاجه
-بعد أن أنجزت كتابة المسلسل طلبت الرقابة في تلفزيون أبو ظبي حذف خط درامي لأسباب دينية، وقد قمت بهذا التعديل بالتنسيق مع المخرج حاتم علي، وتمت الموافقة على النص كاملاً بصيغته الجديدة
-أبلغت المخرج حاتم علي بعد أن سلمته النص في شهر كانون الأول أنه يستطيع طلب مساعدتي في أية إضافات أو تعديلات درامية لاحقا، بحكم أننا شركاء فنياً في هذا المشروع وسعينا مشترك لانجاحه، ومن ثم غادرت إلى هولندا وقتها.
-علمت بالمصادفة أن المخرج حاتم علي قد استعان سرا بالكاتب إياد أبو الشامات لإضافة بعض التفاصيل والتعديلات على المسلسل، دون أن يخطرني أو يستشيريني في ذلك، ودون أن يوضح لي لا فنيا ولا أخلاقياً سبب إقدامه على ارتكاب سابقة معي من هذا النوع، كما أن الكاتب إياد أبو الشامات شاركه هذه السرية، علما أننا أصدقاء مهنياً وشخصياً، وما كنت لأقوم بفعلٍ مشابه لو كان المسلسل من كتابته، دون أن أستأذنه أو أخبره بذلك على الأقل.
-في النهاية أنا لا أتعامل بمبدأ العقود والبنود، بل أتعامل بمبدأ الشراكة الفنية والاخلاقية، لأن الكتابة بالنسبة لي فعل أخلاقي أولا، وما تعرضت له من حاتم علي وإياد أبو الشامات لا يمت للأخلاق الفنية التي يؤمن بها أي فنان حقيقي بصلة.
وسيبقى أوركيديا علامة عدنان العودة، ولو دخل المتطفلون.”

التطفل الذي ختم العودة به البيان، يعد صفعة للعمل الذي سوق على أنه جامع للنجوم الدراما السورية من جديد وأن السعي لتقديم مسلسل سوري يشاهد فيه النجوم المتناقضين في المواقف السياسية والرؤى في مشهد واحد، لن يمر بسهولة. أما إخراجياً فالمخرج حاتم علي لم يسلم الموسم الفائت من اعتذارات كتاب عدة على إتمام نص العراب بعد خلافات دوت بين حاتم والمنتج من جهة وكاتب الجزء رافي وهبة من جهة ثانية.
والخلاف ليس وليد الجزء الثاني فحاتم علي ارتأى رسم بنية خطوط في الجزء الثاني كما تصورها وذلك انطلاقاً من حجم التعديلات التي شملت حوارات في الجزء الأول بحسب ممثلين فيه. حينها بدا المسلسل بجزئيه تائهاً بين عمل مافياوي يصور حيتان الطبقة الحاكمة وعمل شعبي ينزل إلى حكايات الشارع البسيط.
ورغم اختلاف النوع الدرامي فإن المشهد ذاته يتكرر في أوركيديا، خط درامي مستحدث في النص عن قطاع طرق صعاليك وخط أساسي عن القصور والأمراء.
فهل حقاً ينقلب السحر على الساحر ويكشف أوركيديا عن خلل كبير يعترض طريق الدراما السورية في استلاب الحق من الكاتب، واستباحة الانتاج للنص وتحكمهم في إنتاجه. علاوة على أصابع المخرج التي باتت تعدل السطور والحوارات ولا تكتفي عند حد الرؤية البصرية.
هي ملامح حرب باردة خفية ليست بجديدة في الوسط الفني، يكون فيها الكاتب عادة الحلقة الأضعف ويختبأ الجميع خلف الاصبع كي لا يخسر أياً منهم أجره أو مكانته في الوسط. في حين يكون الرهان على أخلاق المهنة في ضبط إيقاع العمل الدرامي المختل الإيقاع أصلاً.