نادين تحسين بك… قطعاً… ليست نجمة!

بقلم: محمود المرعي

كلّما تقدّمنا عاماً في العمر، كلما وجدنا أن مصطلح النجومية يظهر بمفهوم مختلف، لذا لم يعد لدينا مكان في السّماء ننظر إليه دون أن يعبث وهج النجوم بأعيننا حتى أنّنا كدنا نصاب بالعشى! وفي نجمة هادئة، ناصعة، لطيفة، شهيّة للأعين تدعى “نادين تحسين بك”.

هي ابنة الأحد عشر عاماً عند أول ظهور لها وسط عالم مغرٍ ومليء بالدهشة على حد قولها، فمنذ الصغر وجدت نفسها بين النجوم الكبار، لمعانهم حقيقي وضوءهم لا يبهت، فسجّلت النجمة الصغيرة اسمها وكتبته في مخيّلتها لتغدو ممثّلة حقيقيّة واثقة، متمكّنة من أدواتها.

ظنّ والدها الكبير حسام تحسين بك أنها لن تستمر وأن هذه الأعمال ما هي إلّا “تسالي” وتجارب غير جدّية ستملّها بعد عام أو عامين حتى قامت بوضع النقاط على الحروف وأوضحت له أنها لن تتوقّف وستبلغ حلمها الذي لطالما لمع في بالها.

غيّرت “نوال” بعد سلسلة من الأعمال شخصيّتها كأنثى لتصارع “أيامها الحلوة”
فاقتنع والدها أنها ليست طفلة تريد اللعب واللهو ودور إثر آخر تمدّد أبداعها فقابلت نفسها في عيون عشرات الشخصيات تارة كطفلة وتارة كابنة وحديثاً كأُم .

نادين تحسين بك نجمة الكم والنوع!

إذا ما ألقينا نظرة على رصيد أعمال نادين سنجد أنه في جعبتها ما يقارب الثمانين عملاً تلفزيونيّاً وهو عدد كبير قياساً لعمرها الفني المتمثل بعشرين سنة فعليّة.

عدد كبير، لكن نقطة القوة في الأمر أن غالبيتها إن لم نقل جميعها لأهم الكتاب والمخرجين في الدراما السورية، ويمكننا القول إن كل منهم قدّم طريقته الخاصة في تقديم نادين.

أما عن النصوص فهي جسدت شخصيات كُتبت على الورق وحولتها إلى لحم ودم لأهم كتاب الدراما السورية فثنائية حسن سامي يوسف ونجيب نصير مثالاً مهماً لما أطلت به نادين، لذا وبناءً على ذلك يمكننا القول إنّ نادين نجمة من الزمن الجميل وليست مفرزات أزمة نجوميّة تُصنع بلغة المال .

نادين تحسين بك وصوت صنع شهرة نجمات

تمتلك نادين مًلَكة مميزة وهي طبقة الصوت النقيّة والمحبّبة إلى الآذان، فجسدت بصوتها الكثير من النجمات التركيات اللواتي أصبحن نجمات في العالم العربي أيضا .

بطلة مسلسل “ثمن عمري” كانت من نصيب النجمة نادين تحسين بك والّتي قامت بتقديمها بطريقة منسجمة مع صوتها الرّقيق، حيث قدّمت شخصيّة “قمر” الزوجة الطّيبة الّتي وقعت ضحيّة اغتصاب أحد الأقرباء بعد ليلة عرسها بيوم واحد، وتنجب طفلاً تخفي سرّه عن العائلة لتظل ضحيّة تهديدات ذاك الرجل بقتل زوجها إن تفوّهت بأي شيء، فَنَقلت نادين مخاوف تلك السّيّدة طوال حلقات المسلسل، بالإضافة إلى التّقاطع البسيط في الملامح بينها وبين بيغوم بيرغورين.
“قمر” لم تكن تجربة نادين تحسين بك الوحيدة فهناك العديد من الشّخصيّات الأخرى نذكر منها: “عليا” في مسلسل “عليا”.

وغالبا ما ارتبط صوتها بالنجمة التركية هازال كايا إذ كانت أولى تجاربها في مسلسل “العشق الممنوع” بشخصية “نهال” ومن ثم “أسميتها فريحة” و”مارال” لتكون نادين نجمة صنعت بصوتها نجمات أخريات في العالم العربي .

وبخصوص الصوت أيضاً، جسدّت نادين شخصية “جوليا” في إحدى حلقات “أهل الغرام” بعنوان “رجعت الشتوية” كتبتها الفنانة رغدا شعراني وهي حلقة معتمدة بشكل رئيسي على سرد نادين لحكاية “جوليا” بصوتها، ورغم انقضاء ثلاث عشر عاماً على هذه الحلقة إلا أنه ما زالت تجتزأ مقاطع منها بصوت نادين، فماذا لو عادت رغدا للكتابة وقدمت عملاً من ثلاثين حلقة تعتمد على السرد وبصوت نادين؟ هل ستقل أهميتها عن أهمية المقاطع التي كتبتها الرائعة “يم مشهدي” وسردتها النجمة “سلافة معمار” بصوتها؟؟

نادين تحسين بك ونجومية ثابتة على الأرض

عشرون عاماً، قدّمت خلالها نادين أعمال نوعية، وشخصيّات قد تتقاطع بطبيعة صفاتها وصراعاتها لكن غالباً ما قدّمتها بأسلوب مختلف، بطيئة الخطوات، هذا ما قالته سابقاً عام 2011 في لقاء خاطف مع روتانا من موقع تصوير مسلسل “تعب المشوار” وأوضحت أنها مرتاحة أكثر بذلك لأنها تشعر بأنّ خطواتها ثابتة على الأرض أكثر.

بالفعل .. نقلات نادين ليست سريعة فما بين “نوال” في “أيامنا الحلوة” و “رزان” في “أشواك ناعمة” ثلاث سنوات، وما بين “رزان” و “روضة” في “زمن العار” أربع سنوات، وأربع سنوات أيضاً ما بين “روضة” و “جمانة” في “سكر وسط” .

ورغم أن الدّراما المشتركة باسطة ذراعيها منذ ما يقارب العشر سنوات إلا أن التجربة الأولى لنادين حان موعدها في 2020 عبر عشر حلقات مليئة بالإثارة في “عهد الدم” أعادت ذكرى الثنائيات البارزة مع باسل خياط غير أن صراع “مايا” مميّز ولم يقتصر على دور المرأة الجميلة والكليشيه المعتاد، ومن ذلك نصل إلى نجومية تحسين بيك ثابتة، هادئة، لا تضرّ بالأعين.

نُكرّر، كلّما تقدّمنا في العمر عاماً، كلّما وجدنا أنّ مصطلح النجوميّة يظهر بمفهوم مختلف حاله كحال الأجيال التي أصبحت تتغيّر وتتقلّب بشكل متسارع، وعلى ذكر الأجيال فإنّ نجومية نادين هي امتداد لنجوميّة والدها، فهل تتوّج الحفيدة “لامار” نجومية الأُم والجد؟؟ سنترك الأمر للزمن.

أخيراً.. إن كانت النجومية مقولة هادفة ورسالة للارتقاء بالجمهور ومحبة كبيرة منه وإخلاص للمهنة واحترام لقواعدها فنادين تحسين بك حتماً “نجمة” أما إن كانت النجوميّة أضواء وبهرجة وإطلالات متكرّرة وتكلّف نفسي ومادّي واجتماعي وأعمال لا هدف منها فإن نادين قطعاً “ليست نجمة”.