مشاكل النساء على الفيسبوك.. حقيقية أم من نسج الخيال؟

بقلم: سالي حجازي

“مرحبا … تنزليلي مشكلتي” … ” من صبية…”

إن كنتِ من مرتادي المجموعات النسائية على فيسبوك لابدّ وأنكِ صادفت العبارتين السابقتين بكثرة، فمشاكل النساء على هذه المجموعات تكاد لا تنتهي من خيانات إلى صعوبات في التربية وحتى استشارات تخص العلاقات الزوجية بمختلف تفاصيلها!

مشاكل وتعليقات:

مشاكل ترسل لمسؤولي المجموعات لتنال ما تناله من تعليقات ساخرة أحياناَ وناصحة أحياناً أخرى، نصائح بالجملة تدور معظمها حول “الطلاق أو الصبر على البلاء” في حال كانت “الصبية” تعاني من زوجها، ومشاكل أخرى ترسلها مراهقات -على الأغلب- يعانين من ظلم الأهل الرافضين للشاب المثالي أو من حبٍّ كاذب أودى بهن نحو الفضيحة، انتشار هذه المجموعات وإدمان قراءة المشاكل المطروحة في منشوراتها أمر لربما لمسته في نفسك أو في إحدى المقربات، التعليق على المشكلات وإسداء النصائح يشعركَ بأنَّ الجميع أصبح أخصائياً أسرياً، والحلول تكون دوماً واحدة دون السؤال عن عمر صاحبة المشكلة أو بيئتها الاجتماعية! فضلاً عن النصائح الطبية التي تدور بمعظمها حول “الميرمية والبردقوش” وبالتالي الضرب بالطب عرض الحائط، وهنا استبعدْ المجموعات الطبية المختصة والتي يكون جلّ مسؤوليها من الأطباء والأخصائيين.

هي قصص المجتمع المعتادة لكن على نحو أخطر فمئات التعليقات لنساء لا يتشابهنَ في البيئة ولا التربية ولا الأفكار، وجهل بوضع صاحبة السؤال الثقافي والاجتماعي، دون التساؤل أصلاً عن عمر هذه المرأة ومعرفة شخصيتها أو حتى صدق قولها، في النهاية كلٌّ يروي الأمر من زاويته!

من المستعد لحمل وزر نصيحة قد تودي بعائلة وتفكك شملها لمجرد أن امرأة ثارت شكوكها حول خيانة زوجها بسبب ابعاده هاتفه المحمول عنها!

منشوارت تزيد التفاعل:

أمرٌ آخر سيلفت نظرك عند اشتراكك بعدد من المجموعات، فالعديد من المنشورات قد تتكرر بين عدد من هذه المجموعات وجميعها تحت عبارة ” من صبية”! وغالباً هذا النوع من المنشورات المكررة ما يكون مثيراً للجدل، كفتاة أحبت شاباً من طائفة دينية مختلفة، أو قصة خيانة عنيفة تخبر بها صاحبة المنشور وتعترف بها على نفسها، أو حتى قصة ساذجة بطلتها الصبية المرسلة للمشكلة وشاب بخيل أو معنف ومازالت حائرة بشأن الاستمرار في علاقتها معه!، فهل هذه القصص حقيقية أم أن جزءاً منها من نسج خيال مسؤولي المجموعة بهدف زيادة التفاعل؟

فلم يريدون زيادة التفاعل بداية ولمَ تقضِ المسؤولات عن هذه المجموعات ساعات طويلة ويتفرغن بشكل شبه كامل للرد على الرسائل عبر ماسنجر ومن ثم نشرها؟؟؟

لا بد أن زيادة التفاعل هدف مطلوب الفائدة قائمة عن طريق جذب العديد من المعلنين غالباً، وربما هي حالة نفسية يجب على علماء النفس دراستها، حالة تتلخص في حب التفاعل وزيادة التعليقات واعتبارها معياراً للنجاح وقدرة على الترويج لأفكار قد لاتكون موجودة أصلاً، وحرب غير معلنة بين المجموعات النسائية هذه لاستقطاب أكبر كم من المنضمات الجدد.

التفاعل الغريب:

الصورة النمطية عن النساء وفراغهن وتفاهة طرحهن تترسخ في هذه المجموعات للأسف، رغم وجود مجموعات أخرى تعنى بثقافهن وقراءاتهن لكن عضوات هذه المجموعات قلة بالمقارنة مع غيرها، وربما كان لاختلاف المستويات الاجتماعية والثقافية وحتى الاختلافات العمرية دور في هذا التفاوت، فلا بد أن سيدة في الستين من عمرها ستسعد وهي تعطي النصيحة لشابة في بداية حياتها الزوجية، وستطرب عندما تجد فرصة للحديث عن نفسها وبنات جيلها وقدراتهن الأسطورية في الخلاص من مشكلات لا تستطيع بنات هذه الأيام حلها.

هذه المجموعات متنفس للجميع، حيث تعلو الأنا النسائية في مواجهة قريناتها، حيث يستطيع كافة الأعضاء الحديث عن حنكتهن وعذاباتهن ومشاكلهن من خلف الشاشات، فتجد النساء الاطراء على نظافة معهودة والشكر على نصيحة لم تُطلب، ومنشورات مجهولة المصدر لمشاكل لم تخطر في بال مؤلفي المسلسلات العربية، هنا متسع لوقت مهدور وفراغ وراحة نفسية حيث الجميع لديه مشاكل، فكل مانراه خارج المجموعة من سعادة ليس حقيقياً فلابد من الاطمئنان.