الخطيئة لا تبرر دوماً في «أولاد آدم»

بقلم: طارق العبد

لم يكن الطريق أمام “أولاد آدم” سهلاً شأنه شأن غالب ما أُنتِج في هذا الموسم سواء لظروف التصوير التي تأخرت أم لجائحة كورونا ليحجز مكانه على شاشة لبنانية “MTV” ومنصة “شاهد” الرقمية ليخرج علينا عملٌ يثير جملةً من الأسئلة البعض منها بقي غامضاً حتى مع نهايته. ينطلق النص الذي كتبه “رامي كوسا” من فكرة الخطيئة، وأن كل البشر غير منزهين عن أي خطأ قد تسوقهم له متاهات الحياة التي تفرض أحياناً منطق القوة وحكم القوي الشرير على الضعيف الخيّر، فيعرضُ نماذجاً لشخصياتٍ مرت بظروف حَكَمَت عليها بممارسات شتى من القاضية ديمة ” ماغي بوغصن” لزوجها الإعلامي غسان “مكسيم خليل” مقابل الشاب النشّال سعد “قيس الشيخ نجيب” وعلاقته بالراقصة مايا “دانييلا رحمة” مروراً بالعسكري الفاسد الذي يتفق مع النشال لتصريف بضاعته أو لرجل الأعمال الذي يسيّر البلاد وفق مصالحه.

مقاربة لا تُقَدَّم للمرة الأولى قطعاً في مسار الدراما، ولكن الأولوية هنا تتركز على أسلوب معالجتها وتقديم المبررات اللازمة لأي شخصية لخلق أرضية تسمح بتفسير سلوكها في سياق العمل وهو المطب الأساسي الذي وقع فيه الكاتب كوسا والمخرج “الليث حجو” معاً، ففي الوقت الذي بدت فيه شخصيتا سعد ومايا مقنعتان لجهةِ تقاطُع العمل الإيجابي مع السلبي، والخبث مع الطيبة، تخلق مايا تعاطفاً حين تضطر لفعل أي شيء لغاية إخلاء سبيل شقيقتها السجينة “ندى أبو فرحات” أو لجهة ماضي سعد النشال واحتياله المستمر مقابل عطفه على معلمة الموسيقا التي ربّته.

كان الخط الدرامي متعثراً في شخصية غسان الإعلامي ذي الوجهين، حيث يعرض قضايا الناس الحساسة في برنامجه التلفزيوني، لكنه يتحول خلف الشاشة لرجل يعشق الأذى ويتعطش لرؤية الجميع، يقع في المصائب فيما يقف هو متفرجاً دون أرضية واضحة تفسر كل ما يقوم به حتى لو جاء ذلك في سياق مرض نفسي كما يتبين في الحلقات الأخيرة لتبدو الشخصية في قمة السلبية ودون أي ملمح إيجابي، حيث يظهر بقلب وقالب أسود بالمطلق فهو دفع فتاةً قاصر للانتحار عمداً، وخربَ عملَ شخص بسيط فقط لأنه يحب الأذى، حتى تنقلب الظروف ضده فيقرر الانتحار.

الملمح غير الواضح فب شخصية غسان لا ينكر الأداء الرفيع الذي قدمه مكسيم خليل في دور يعتبر من أصعب ما قدمه، وذلك مقابل أداء هش ومبالغ به لشريكته ماغي بو غصن التي تفاوتت مشاهدها بين البرود وبين الانفعال غير المبرر، خاصة أنها تمر بمفارقات عديدة من فشل الحمل وإدراك ماضي زوجها السابق أو محاولات ابتزازها المستمرة، فيما تجدر الإشارة إلى ظهور دانييلا رحمة في أفضل حالاتها بعد “تانغو” وحضور ملفت لممثلات مهمات مثل “ندى أبو فرحات” و “كارول عبود”.

في المقابل يُحسَب للنص خروجه من قالب الدراما المشتركة الذي انطبعت به لسنين عديدة، فلا بيوت فارهة ولا شخصيات فضائية بعيدة عن الشارع، وبدت علاقة الشخصيات السورية مقنِعة لجهة وجودها في لبنان، ولو أن كمية المشاهد الخارجية بدت محدودة مقابل مشاهد داخلية كثيرة قد تكون مفسّرة بسياق الظروف الإنتاجية للتصوير نتيجة كورونا.

في المحصلة نحن أمام عمل لا يمكن اعتباره سيئاً بالتأكيد، وهو ليس أفضل ما قُدِّم في هذا الموسم أيضاً، لكن معالجة واضحة لبعض التفاصيل في المسلسل بشكل مركّز، كانت سترتقي به بالفعل ليكون منافساً شرساً في أولى تجارب الكاتب في الدراما المشتركة.