مسلسل حر من الدراما

بقلم: حسام محمد غزيّل

عندما تحتكم الدراما للشرط الإنتاجي المرتبك والمتخبط في طبيعة العمل والغاية ممايقدم، فنرى أعمالاً تسقط كأحجار الدومينو قبل أن تقلع طائرتها متتابعة السقطات نصاً وأداءاً وإخراجا متعذرة بضيق الوقت في سبيل اللحاق بموعد السباق الرمضاني والضعف الإنتاجي والترويجي للأعمال.

ليكون المُنتَج المقدم للمشاهد منتهي الصلاحية، متسبباً بإرباك حقيقي لقيم المشاهد ومايحاول جاهداً الحفاظ عليه، فيكون العمل غرائبياً مليئاً بالمقحمات على فكرته الأولى، شاذاً سلوكياً وأخلاقياً عن طبيعة المجتمع تجارب كان بالإمكان لها أن تعد بالكثير لكن استسلام الشرط الإبداعي لرغبات جهات الانتاج وقنوات العرض المهتمة فقط ببلوغ الشهر وزيادة نسب المشاهدة الدعاية، غير مهتمة بالنتيجة ولو كانت بأعمال حولت الدراما من عالمها الواقعي للافتراضي لتداعب مخيلة المراهقين على أرض محترقة للعبة إلكترونية، مربكةً حتى غدا لون وردها أسوداً نتيجة فظاعة المقدم ضمن العمل من شر مرضي جعل يعود بالضيق على المشاهدين مما عطل الرؤية وأربك حركة المطارات فأدى لوصول الساحر دون صندوقه الممتلئ بالخبايا مكتفيا بقبعة تجيد إخراج الأرنب وإخفاءه جيدا وايجاد متعة تبهر بأسلوب الحركة والتشويق لكنها تظل أقل سحرا وتأثيرا مما لو جاء الصندوق كاملا، وليكتفي النحات بما أجاد من رسم عوالم منحوتته داخلياً دون أن يمكنه الوقت من اتمام التفاصيل التي يختبأ بها الشيطان منذرا بالخوف وتثمر بالجمال الموقع بهزيمة الشر هنا لنكتفي من العمل حتى نصفه الأول بالجو الفني الذي يحيط بحالة الابداع لنخرج منها ممتلئين ببساطة بسخرية تحاول تركيز بقعة الضوء لتنتشلنا مما نحن عليه ولو بهواجس عابرة.

توقف بعض الأعمال كان خياراً صائباً من جهات انتاجية رغم أضراره المادية لكنه يحفظ للعمل الفني هيبته ومساحته التي ستثمر بعد هذه الجريمة غير مكتملة الأركان، ما سمح لنا القليل من الوقت لنجرب الدومينو ونعيد النظر فيه ونتخذ قليلا من الوقت يهدي لنا مسافة من الأمان من جنون مايحدث ويعيد لنا عبق إخوة التراب والأعمال المهداة بكل الشغف لنرى في محيا بنت الشهبندر بريقا أوقف الزمن لنا استكمال حكايته.

ونعود فنسأل أنفسنا هل دخلنا جميعا الحرملك فبهرنا بما يعتريه من قصص وحكايا أم أن سوق الحرير عاد ليرسم بطريقه صوغا جديدا لتاريخنا، ويرصد محاولة البروكار ليغدو صناعة جامعة فيرسم لذاته طريقا يتفرد فيه مع أن يتعثر ببعض خطاه، ولكنه يكمل لنا طريق من الشام للقدس لنسأل هناك عن حارسها ونعيد طرح القضية مجتهدين بالأمل منكفئين بالاختلاف الذي عكر صفو العمل وجعله محملا بأعباء ثقيلة أربكته لكنها حفظت للقدس عبيرها، فظل الحنين غالبا لم يقلقه إلا صراع أولاد أدم بما يشبه إنذارا يوصل للنهاية.

هكذا نقف قليلا مستبشرين بالنهايات خيرا لنستحضر روحنا القديمة بمقابلة مع السيد أدم الذي خطا الحكاية بدءا ليجيبنا عن الأسئلة التي عكرت صفونا من حقد وظغينة وطمع يغتال الطهر فينا لنغدو جميعا باحثين عن الحقيقة مستبشرين خيرا بالطريقة أملين أن يعود النصاب لما يجب أن يكون عليه فيؤخذ بحق البسطاء لنهدى جميعاً لبداية أخرى.