بلا هوية، أو حرفية «منقدر» نقدم برنامج!

بقلم: سالي حجازي

محتوى البرنامج

خمس دقائق تسرد حكاية نجاح وتعب ومثابرة بحسب مقدم البرنامج في الحلقات الأولى، ومن ثم حلقات مواكبة لأحداث رياضية وحياتية كالحديث عن المنتخب والتصفيات المؤهلة لكأس العالم لكرة القدم، وأزمة الغاز المنزلي، أضافة لحلقة عرضت بمناسبة عيد ميلاد مقدم البرنامج أعيدت أكثر من مرة تضمنت فيديوهات لأطفال صغار يتابعونه بمحبة، وحلقة أعدت أيضاً خصيصاً للرد على منتقدين لا يفقهون شيئاً.

إذاً فلا هوية واضحة للبرنامج ولا معلومات إضافية يقدمها عن الشخصيات المعروضة، ومن هنا يصعب صراحة بناء نقد موضوعي حقيقي له، فهو ليس برنامج يوتيوبي يعرض على القناة الخاصة لمقدم البرنامج علي بوشناق وبالتالي ينظر لكل حلقة على أنها أراء ومعلومات يقدمها صاحب القناة، وليس برنامجاً سردياً عن شخصيات عانت ما عانت في حياتها ومرت بالعديد من العقبات إلى أن حققت الإنجاز العظيم في حياتها، فالبرنامج تطرق كما ذكرتُ لموضوعات أخرى إضافة إلى أن عدداً من الحلقات أتت على ذكر شخصيات شابة لم تمر بعقبات قاسية تستحق الذكر والأجدر التحدث عن نجاحها من زوايا أخرى.

محاولة بائسة لبناء الهوية والجماهيرية

“هذا البرنامج يحتوى على جرعة تفاؤل عالية…” ،”مهما مريتوا بظروف صعبة ضلوا احلموا لأنه منقدر…”

العبارات المكررة مع كل حلقة للأسف لا تبني هوية حقيقية للبرنامج، فالهوية تبنى بالمحتوى لا بما يتكرر من عبارات مشابهة لما ألفناه من مقدمي برامج ناجحة قبلاً “كباسم يوسف”، حتى في الحلقات التي تحدثت عن تجارب إنسانية ناجحة رغم الصعاب لم نجد معلومة جديدة تتحدث عن الشخصية أو رأياً عميقاً يليق بهذه الشخصيات، عدا استعمال عبارات قد لا تليق بالشخصية المقدَّمة وربما كان ذلك بالنسبة للمقدِّم يندرج تحت محاولة تقريب الشخصية من الشارع عبر استعمال مفرداته وبالتالي استقطاب مجموع أكبر من الجمهور البائس الذي يحتاج لمن يذكره بالأمل في ظل عدم توافر الفرص والمال وأبسط مقومات الحياة!

“إذا بتحبوا هالبرنامج يستمر صوتوا على صفحة البرنامج” لا أدري لمَ لم يوضع التصويت على الصفحة الرسمية لقناة لنا، فكيف لمن ليس معجباً بالبرنامج أن يتابع صفحته وأن يعلم بأمر التصويت!، ولمَ يتم إنتاج برنامج بطريقة المياومة، فمن الواضح أن لا خطة زمنية له ولا تحضير مسبق للشخصيات بدليل أنه بعد عدد من الحلقات تم إقحام الحديث عن المنتخب ومن ثم العرض على الجمهور المشاركة في الإعداد عبر إرسال اقتراحاتهم!

ربما كان رأي معد ومقدم البرنامج هو مشاركة الجمهور المحبط في الإعداد كمحاولة للانتشار واستقطاب عدد أكبر من البائسين للتأثير فيهم!

طغيان شخصية الممثل

بعيداً عن الشارة التي يتكرر فيها اسم علي بوشناق وربما كان هذا حق له فهو صاحب الفكرة والمعد والمقدم ومسؤول المونتاج والغرافيك لبرنامجه، لكن ما السر في إعادة ذكر اسمه مع بداية الحلقة ونهايتها، في البداية ” علي بوشناق/ممثل” وعند الخاتمة” منقدر/ علي بوشناق”، “كنت معكن أنا علي بوشناق…”

برامج حوارية طويلة مقدمة على نفس القناة ومقدميها أيضاً من الممثلين لم تذكر أسماؤهم بهذه الكثافة التي يذكر فيها اسم علي خلال مدة أقصاها 7 دقائق!

سعة صدر في تقبل النقد

هو الأمر الذي لم يستطع الأستاذ علي إقناعنا به، يمكنك البحث عن حلقة خاصة “للفرفشة” تم الاستهزاء من خلالها بكل منتقديه الموضوعيين وغيرهم عبر شخصيتي المحقق كونان وسبونج بوب، رد من خلالها على الآراء التي لم تناسبه بأسلوب تهكمي يوحي بأنه نظر لهذه الآراء نظرة متطرفة.

فمن أراد مزيداً من الجدية بالبرنامج مثلاً رد عليه بأسلوب ساخر عبر تقليد طريقة الحديث في البرامج السياسية الملتزمة، رغم أن المقصود دوماً هو جدية تليق بالشخصيات التي يتحدث عنها!، هذه السخرية تتضح أكثر عند متابعة حساب البرنامج على فيسبوك فأحد المنشوارت كانت ” مسا الخير يامحترمين ? وبتمنى بس المحترمين يردو، ولاد الشوارع رح نخصصلن بوست لحالن “.❤??

بث الأمل نحتاجه جميعاً في ظل الظروف التي يعيشها جميع السوريين، هذه الحاجة يجب أن لا تدفعنا إلى السكوت عن حقنا في الحصول على برنامج ذي هوية واضحة، معَد ومقدَّم بطريقة أكثر حرفية، الحلقات أصبحت كثيرة والاستفادة من أخطاء البرنامج وتقبل النقد لا يقلل من قيمته ولا يعني أن المنتقد يشعر بالغيرة أو ذا نظرة سطحية، فكثير من كوادر كلية الإعلام الشابة مغيبة، فمن امتلك الموهبة والفرصة ليحل محلها عليه أن يكون على قدر المسؤولية والامتنان والجد في العمل.

“منقدر” على قدر محبتنا أن نتقبل الآخر وأن لا نرى كل نقد انتقاد وغيرة وتشفي.