دقيقة صمت: صمتنا يصنع الأنبياء!!

جميعنا نجمع على أهميّة النص المكتوب في صناعة عمل دراميّ مبهر، فهو اللّبنة الأساسية للبناء، ليأخذ بيده مخرج مخلص للورق ليصدّره إلى شاشات التّلفزة بعينه الخاصة. وتكمن قيمة الورق المكتوب في ابتعاده عن المواضيع السّطحية التي روّجت لها الدراما الضعيفة خلال الأعوام القليلة الماضية.

أمير ناصر “عابد فهد” ومدير الناحية “هشام كفارنة”

هذا العام لا نجد عملاً مخلصاً للدراما وللشارع بقدر “دقيقة صمت” الذي خطّ نسيجه سامر رضوان، ليسلّط أضواءه على “الفساد الذي نهش بلادنا” على حدّ قوله. لم يتوانَ رضوان عن تقديم طبق رمضانيّ ساحر مُشبع بالدسم على كلّ مائدة، مشبع بدسم الجّرأة والانتفاضة على ثقافة تكميم الأفواه. لا يملُّ صاحب “لعنة الطين” من لعن الظلم والفساد اللذين خيّما على جلّ أعماله ليكون بذلك قد أبرأ ذمّته الدرامية أمام الشارع، ليتمكّن من ربط حبال نصّه، ليغدو خيمة مُحكمة الوثاق، قادرة على مواجهة الغبار الذي يثار على عيون المتفرّجين.

سمارة “ستيفاني صليبا”

فكرة “صناعة النبي”

يتألق صاحب “الولادة من الخاصرة” في إيثار فكرة “صناعة النبي” في عمله، فيجعلنا حائرين أمام كيفيّة تحويل شخصية قاتل محكوم بالإعدام أجمع أهل قريته على نبذه، إلى شخص “مبروك” يودّ الناس لو يتلمّسون جسده لأخذ البركة والرضا، وذلك عبر قدرة السّلطة التي أثبتت من خلال هذا العمل، أنها قادرة على ذلك حينما تريد وحينما تحتاج، تحت غطاء الدين، الذي يمكن أن نجد له تأييد شعبيّ تحت غيمة “علم الغيب”.

العميد محسن “جهاد سعد”

علاقة سامر رضوان “بالجمهور”

عندما يخلط سامر رضوان واقع سورية بحبره، فسينتج حتماً صلصالاً يحطّم الصّمت، جاعلاً الجمهور يثني على ما كتب لارتباطه بواقع سورية المعقّد والمثير للتساؤلات. فعلاقة سامر رضوان بالشّارع علاقة وثيقة؛ لأنه يعتبر كلمة الجمهور هي الفيصل، فيمنحه عصا النقد ليجعله النّاقد الرّئيس لكل عمل، فيكون لزاماً على الجمهور أن يحول العصا بتلك الثقة التي منحهم إياها الكاتب إلى ضوء يضيء دربه لا العكس، وأن يبتعد عن ثقافة “ليّ الذّراع” التي اعتدنا عليها في ثقافة النقد العربي.

ربى ناصر “رنا شميس” وزوجها سهيل “يوسف حداد”

” الورق الجيّد يصدّر نجوم جدد”

لعلّ أبرز ما يمكن أن يُشاد به في العمل هو أداء الممثّلين الذين برعوا في تأدية الشّخوص المُوكلة إليهم بحرفيّة وحساسيّة عاليتين. فمن يرى “خالد القيش” في دور ضابط كبير في الجّيش يحسبه ممثلاً جديداً على السّاحة الفنيّة، فقد تفوّق على نفسه بالأداء وأثبت أنه قادر على كسب الرّهان، ليظهر ممثلاً مبهراً “بحجم غيمة”. وجاءت “ستيفاني صليبا” لتكسر القاعدة التي مفادها أنّ النجمة اللبنانية تقوم على الاستعراض، لتنجح في تأدية دورها بشكل يُقنع المتفرّج بأنها شغوفة بشخصيّتها وأنّها أصيلة ووفية لقدسيّة التلفزيون. هذا إذا ما تحدثنا عن الحالة الجماهيرية التي صنعها الفنان فادي صبيح ضمن شخصية “أبوالعزم”.

أبوالعزم “فادي صبيح”

خلال عدّة أعوام ماضية وقفنا جميعاً “دقيقة صمت” على درامانا التي بدأت تفقد ألقها عملاً تلو الآخر، ليأتي هذا العام فنقف “دقيقة صمت” احتراماً لما كتبه سامر رضوان، ولإسهامه برفع سقف المنافسة على جودة الأعمال الرمضانيّة، ولسان حالنا يقول: هل من مزيد ..؟