“وردة شامية” .. الوجه الآخر للهيبة!!

 بقلم ديب سرحان


انتقادات كثيرة لاقاها مسلسل “الهيبة” الجزء الثاني، لجهة كمية العنف والإجرام المقدم من خلال حلقاته، وذهب بعض النقاد الدراميين لاعتبار أن هذا المسلسل يعمل على ترسيخ مبدأ العنف واستخدام السلاح في المجتمعات العربية، بصورة مبالغ فيها.

“الهيبة” ورغم تكثيف العنف المبرر وغير المبرر في كثير من الأحيان، إلا أنه تمكن من حصد نسب مشاهدة عالية في الوطن العربي، في إشارة واضحة إلى أن قيمة “العنف” باتت راسخة في هذه المجتمعات، وهو ما فضل المخرج “سامر البرقاوي” اللعب على وتره، من خلال استخدام القوة في شخصيات العمل، فأصبح “جبل” و”شاهين” و”صخر” هم المثل الأعلى بنظر كثير من الشباب العربي سواء بحالة التمثل في الشكل أو تقليد الشعر أو تكرار الأقوال مع تنميط ارتباط “الهيبة” بعرفها الاجتماعي كوقار وحضور مع الصورة التي ظهر فيها الشخصيات خلال العمل.

وبغض النظر عن صحة الطرح الذي يقدمه “العودة”، إلأ أن كمية الإجرام والعنف المقدمة في الدراما السورية هذا العام، كانت كبيرة جداً، والمثال الأكبر على ذلك كان في مسلسل “وردة شامية”، الذي قدم نموذجاً جديداً للحارات الشامية، بعيداً عن قصص الزعامة والحكايات الثورية، ونجح “مروان قاووق” من الخروج من قوقعة ورتابة مسلسلات البيئة.

“قاووق” في وردة شامية استعان ببعض تفاصيل “الدبور”، حيث يقوم “أبو حمدي” خالد تاجا، بقتل عدد من رجال الحارة للتغطية على جرائمه، وهو ما تقوم به وردة وشامية في المسلسل الجديد. أما جمال وسحر أداء “سلافة معمار” و”شكران مرتجى”، فقد طغى على بشاعة القصة المقدمة، من خلال سيناريو مشابه لرواية “ريا وسكينة”، حيث ترتكب الشقيقتان عدد من جرائم القتل بحق النساء في سبيل الحصول على الذهب والأموال، وأيضاً تغرقان حارتهما في دوامة المشاكل والتعقيد. “معمار” و”مرتجى”، قدمتا أداءً استثنائياً، من خلال الأدوات التمثيلية الخاصة التي يمتلكانها، واستخدامها على مدار الحلقات، حتى ذهب البعض للقول بأن “الأداء المميز للنجمتين جعل المتلقي يتعاطف معهما على الرغم من كمية الحقد والإجرام الموجودة في الشخصيتين”.

ثنائية تامر إسحاق ومروان قاووق نضجت هذه المرة بشكلِ كامل، وقدمت للمتلقي مادة درامية مميزة، بالرغم من كمية الإجرام التي طغت على تلك المقدمة في “الهيبة”، لكن السؤال الأهم، هل هذا الثنائي قادر على انتاج مسلسل درامي متكامل بعيداً عن الإجرام والعنف؟ فمن ساعد في نجاح من أكثر، تيمة العنف التي يبدو أنها سمة المواسم الدرامية كون عداد سعر الإعلان يرتفع كلما زاد عدد الجرائم، أم الأداء الذي يجعل العنف متعة ويسلب من الذهن التفكير في قيمة القتل وغايته؟!

في الواجهة يبدو أن الجمهور بات يلهث خلف أي دراما تسحب التوتر النفسي الذي يعيشه جراء الحرب، فيشكل أساليب المافيا والعصابات بما يتضمنه من إثارة مساحة واسعة للتفاعل، خاصة إذا ارتدى ثوب الشعبية، فجريمة قتل تحدث في حي سكني ينسج خلفها المجتمع ألف رواية ولأشهر عدة، فكيف في جريمة قتل تنفذها امرأتين وعلى شاشة التلفزيون.

نعم، الجمهور تعاطف مع “شامية” كما حزن على احتراق “صخر” في الهيبة، وتغاضى بالمقابل عن عشرات الجرائم التي نفذتها شامية وحرق صخر لشاب في فرن النار.. فإذا أوقدت الدراما نيران القتل وجعلت المجرم بطلاً، هل يظل الجمهور متذكراً أن البطل الذي أحبه “مجرم”.