كأس العالم .. “فسحة أمل” لا تخلو من السياسة والتعصب

 

 

 

 

 

بقلم: ديب سرحان 


“لا يمكن أن أتعاطف مع منتخب كان شريكاً في الحصار الاقتصادي المفروض على وطننا”، بهذه الكلمات عبر أحدهم عن رأيه بتشجيع المنتخبات العالمية في كأس العالم، وأضاف أخر “لا تتعاطف الدول الغربية مع قضايانا فلماذا نتعاطف مع منتخباتها؟”، هي حالات عديدة من الإسقاط السياسي على اللعبة الشعبية الأولى في العالم، كرة القدم.


كيف لا؟، والشعوب العربية باتت تسقط السياسة على كافة مفاصل الحياة، سواء كانت فنية أو رياضية أو حتى درامية، تلك الشعوب التي وجدت نفسها قبل سنوات وسط لهيب الربيع العربي، بما يحمله من صراعات وأيدولوجيات متضاربة، فتأثرت طوعاً أو رغماً عنها بتلك الأحداث.


على أبواب كأس العالم، لكن الصراعات الفكرية المتعقلة بالنهائيات العالمية انطلقت قبل أسابيع، والإسقاطات السياسية كانت حاضرة بقوة، وخاصة بما يتعلق باللقاء الافتتاحي، بين روسيا والسعودية، البعض ذهب لتشجيع منتخب روسيا، لأنه يعتبر الرئيس بوتين وحكومة بلاده حليفاً وثيقاً، والبعض الأخر ذهب باتجاه مناصرة المنتخب السعودي، لأنه يعتبره فريقاً عربياً.


من يشاهد التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي حول كأس العالم، والذي تصل في بعض الأحيان إلى الشتم والتهديد والوعيد، يعلم تماماً حجم المعاناة الفكرية التي يعيشها العالم العربي.

لا يمكن إبعاد تلك النظرة السياسية عن كأس العالم، على الرغم من أنه حدث رياضي بحت، الفصل بينهما في المنطقة العربية بات ضرباً من المستحيل، فبينما ينتظر العالم بأسره هذا الحدث للاستمتاع بكرة القدم وتشويقها، تعيش الشعوب العربية في قلب منطقة الصراعات العالمية، وبالتالي أصبحت جزءاً من هذا الواقع.


القلة الرياضية المتعصبة كروياً، تصر على فصل السياسة عن كأس العالم، وتؤكد تشجيعها للفرق العالمية، وهذا الأمر ليس نابعاً من منظور سياسي وفق رأيهم، وإنما من عشق كروي بحت، يقول أحدهم “شلون بشوف جمال أداء الماكينات الألمانية وبدكم ياني ما حبو كرمال حكومتون”، ويحلل أخر “يجب إبعاد الرياضة عن السياسي، لأننا نتابع كرة القدم هرباً من السياسة”.


وهنا أيضاً يقول البعض بأن الصراعات ليست جديدة على المنطقة العربية، وإنما قديمة جداً، ولطالما بحثت تلك الشعوب عن فسحة أمل لتتعلق بها، وربما تكون هذه الفسحة في كأس العالم بشكل خاص أو كرة القدم بشكل عام، لكن العتب على من يحاول سرقة هذا الامل، عبر إدخال كرة القدم في الأمور السياسية أو العكس.

بكل تأكيد لن ينتهي النقاش والنقاشات اليومية على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن هذا الموضوع، ولن يتوقف حتى إطلاق صافرة المباراة النهائية من كأس العالم، وحينها سيعود كل شخص عربي إلى شاشته الصغيرة لمتابعة أحداث بلده السياسية، ويبحث عن فسحة أمل في واقع الصراعات السياسية والعسكرية اليومية.