تعرفوا على Friends “السوريين”

لا شك أن المسلسل الأمريكي “Friends” ترك أثراً كبيراً جداً في عالم المسلسلات الكوميدية ليس في أمريكا بلد المنشأ فقط، بل في دول العالم أجمع و شكّل حالة فريدة لدى الجمهور و من بينهم الجمهور العربي، فمازال العمل يحصد نجاحاته حتى الآن و يعود الناس لمتابعته بين الفينة والأخرى مستذكرين أجمل المواقف التي حصلت بين الأصدقاء الستة “مونيكا، رايتشل، فيبي، روس، تشاندلر، جوي” هذه الصداقة التي لم يفرقها شيء واستطاعت أن تصل لقلوب الكثيرين ليحقق العمل أرباحاً خيالية وصدىً لافتاً سيما أن النص كان رائعاً و أداء الفنانين لا يُعلى عليه نتيجة عفويته وبساطته وقربه من الواقع الأمريكي بحيث لا نجد تكلفاً أو مبالغة في محاولة الإضحاك.
حاولت الدراما السورية بطريقة ما أن تتبع أسلوب هذا المسلسل الشهير بعدة أعمال، وبحكم اختلاف المجتمعين طبعاً، فقد عمدت الدراما السورية إلى أن تجمع أصدقاءً من نفس الجنس “عكس العمل الأمريكي” في بيت واحد لنشاهد مفارقاتهم وحياتهم وأسلوبهم والواضح في الأمر أن كل هذه الأعمال كانت كوميدية أيضاً.


خمسة وخميسة

لاقى هذا العمل تقبلاً عند الجمهور السوري فهو يتحدث عن خمسة شبان من أماكن مختلفة من سوريا يسكنون في بيت واحد ويصادفون ضيوفاً كل فترة بالإضافة لمجيء أهاليهم لعندهم وحدوث مواقف كوميدية مضحكة، إلا أن العمل لم يلقَ القبول عند البعض الآخر فاعتبره مبالغاً به، وأن حركات الفنانين فيه مفتعلة بغاية الإضحاك وليست عفوية كوميدية فلم ينل المسلسل هذا الصدى المرجو الذي يُعَوّل عليه.


صبايا الخمس مواسم


خمسة أجزاء لمسلسل صبايا لاقت صدىً واسعاً في المجتمع العربي، العمل الذي بدأت رنا الحريري في جزئه الأول ليتابع كتابته فيما بعد مازن طه و نور الشيشكلي ثم تتفرد نور الشيشكلي بكتابة أجزائه الأخيرة أدخلنا لبيت يسكن فيه خمس صبايا أيضاً لكل واحدة فيهنّ اهتماماً وأسلوباً مختلفاً، وأيضاً كما مسلسل “Friends” و “خمسة و خميسة” شاهدنا تفاعل هؤلاء الصبايا مع ضيوفهن وجيرانهن وأهاليهن.
صبايا حقق في جزأيه الأولين فقط نقلة لطيفة في هذا النوع من الأعمال حيث دخل في مشاكل حياتية تخص النساء في ريعان عمرهن، إلا أنه شذّ عن الطريق الصحيح فصار عملاً عادياً بمواقف كوميدية خفيفة جداً و أخذ يشد الأنظار له عن طريق الأزياء والموضة والمكياج وغيرها فبات المسلسل متكلفاً وابتعد عن عفويته ورسم خطاً غير منطقي للأحداث.


أيام الدراسة وأيام السكن الواحد!!

في الجزء الأول من العمل شهدنا حياة طلاب في مدرسة خاصة مختلطة، فتابعناهم مع أهاليهم بطريقة عيشهم في محاولةٍ غير ناجحة لتقليد العمل الرائع “أشواك ناعمة”، إلا أن الجزء الثاني شهد تغيراً جذرياً بعد أن كبر الشباب و الصبايا لتشاء الأقدار بصدفة غير مبررة ولا منطقية أن يجتمعوا جميعهم في بناية واحدة، ليظهر وكأنهم كلهم يسكنون في مكان واحد كما هو الحال في “Friends” إلا أن المسلسل لم يرقَ أبداً لمستوى جزئه الأول حتى، فالكوميديا كانت هشة وضعيفة في الجزأين رغم أن الأداء لم يكن سيئاً لكنه للأسف اتكأ على نَصّ غير متماسك.


جيران.. تجربة غير ناضجة

في عمل عربي بين السوريين والمصريين والخليجيين والمغاربة نشهد جيراناً يقطنون في بناء واحد في دبي، مدة الحلقة 20 دقيقة كما هو عمل friends ويعتبر هذا هو التشابه الوحيد بين العملين بالإضافة لتشارك أبطال العمل مكان سكن واحد بحكم كونهم جيران ، فرغم النجوم الكبار المشاركين في العمل إلا أنه لم يلقَ في مواسمه كلها أي نجاح ولم يشفع تواجد النجوم فيه بشهرته، حيث كان النص بعيداً عن الكوميديا تماماً وغير قريب من الواقع ويصدّر للمشاهدين فنانين وفنانات بستايلات مختلفة متلونة فقط ليكون سطحياً خالياً من المضمون والتركيز يركّز على القشور فقط، كما أن المسلسل بات كمجرد عرض لمهارات الممثلين المشاركين في برنامج Arab Casting التي أنتجته أبو ظبي، لكنه لم يشهرهم أو يصقل خبرتهم ولم يترسخ اسمهم في مشاهد واضحة فجاءت المشاركة فيه كعدمها.


شباب أون لاين.. أوف لاين

في تجربة مصرية جديدة بعنوان “شباب أونلاين” قدّمت المخرجة هالة خليل والكاتبان سامح سر الختم وسامي حسام عام 2002 عملاً يحاكي مسلسل friends تماماً في ثلاثة أجزاء بنمطٍ غربي يراعي المجتمعات العربية، وكان من أوائل أعمال “السيت كوم” في الوطن العربي لكن الفشل كان واضحاً تماماً في أسلوب الطرح، وتقليد العمل الأشهر كان أعمىً وغير مدروس بشكلٍ كافٍ، فبقي المسلسل لا يتذكره الكثيرون ولم يحقق الصدى المرجو حتى في مصر رغم عرضه على قناة MBC فأصبحوا الشباب الأونلاين.. أوف لاين.


ختاماً نجد أن هكذا نوع من الأعمال هو سهل ممتنع، حيث يستطيع الكاتب أو الكاتبة جمع عدة شخوص في بيت واحد وطرح مشاكل اجتماعية بأسلوب كوميدي لطيف، لكن اختلاف المجتمعات والخوض في أمور اجتماعية وعاطفية وجنسية مختلفة تماماً عما يحدث في بلداننا العربية هو أمر يصعب تقليده هُنا، وحتى المحاولات التي كانت جيدة في مواضع وسيئة في أخرى لم ترقَ بتاتاً لمستوى العمل الكوميدي الأشهر “Friends”، وطبعاً المقارنة قد تكون ظالمة، لكننا كسوريين وعرب لا ينقصنا نجوم أو كُتّاب ليدخلوا في مضمار هكذا نوع من الأعمال الذي يشد الجمهور فعلاً، لكننا نفتقر حقاً لعفوية الأداء والإنتاج الناجح والنصوص القوية، فهل سنجد يوماً عملاً سورياً يرقى لمستوى “Friends” أو يدنو منه قدر الإمكان؟؟!!