صداقات لا تُنسى في الدراما السورية

إعداد فريق ETSYRIA

لطالما كانت الصّداقة حاجة مُلحّة تنبع من رغبة الشّخص في إيجاد نصفه الآخر الّذي يعتبره كمرآته في الحياة ويحكي له همومه وأسراره ومشكلاته, وربّما يكون الصّديق أكبر عون ونصير من الأقارب ذاتهم فيقف في صف صديقه مادّيّاً ومعنويّاً, ولقد كرّست الدراما السّوريّة في كثير من أعمالها مفهوم الصّداقة القائمة على التّعاضد والتّآخي والحميميّة بين الطّرفين, وسنذكر عدّة أمثلة في هذا المقال شكّلت رؤية حقيقيّة لموضوع الصّداقة

 

مسلسل الانتظار
(تيم حسن وأحمد لبابيدي/ عبّود ورجا)


لفت هذا المسلسل إلى أن الصّداقة غير مرتبطة بعمر محدّد ففارق السّن الكبير بين الشّاب اللّقيط الشّجاع عبّود وطالب المدرسة الإعدادية رجا، لم يمنع من صداقة حقيقيّة جعلت رجا يثق بنفسه أكثر ويتخلص من خوفه, حيث يخبره عبود بأنّه بمثابة أخ كبير له واعتبره فرد من عائلته المجهولة، فيُقدّم المعونة في كل الظّروف الصّعبة ويحميه ويقوّي شخصيّته لتتماشى مع طبيعة الحارة الشّعبيّة العشوائيّة إلى أن يُقتل عبود في الحلقة الأخيرة فتكون الطّامة الكبرى بالنّسبة إلى رجا الّذي فقد أعز أصدقائه.


مسلسل دنيا
(أمل عرفة وشكران مرتجى/ دنيا وطرفة)


شكّل مسلسل دنيا حالة متميّزة في الدراما السّورية بجزأيه, ولعلّ أكثر ما جَذَب انتباه المشاهدين هو العلاقة الوطيدة بين دنيا الخدّامة وطرفة الطّباخة ليُشكّل هذا الثنائي الكوميدي علامة فارقة بمفهوم الصّداقة حيث نجدهما تتعاونان في كل شيء وتخطّطان وتنفّذان وتتشاركان مسؤوليّات الحياة فدنيا اهتمّت بتزويج طرفة من “محروس” ابن ضيعتها وتشاركت معها أيضاً بشراء أرض والدها وزراعتها وفلاحتها, وبعد مرور 15 سنة تهجّرتا معاً نتيجة الحرب من الضيعة إلى دمشق ليصل الأمر في النّهاية إلى أن تترك طرفة عائلتها تسافر في قوارب أوروبا لتعود هي مع صديقتها إلى سوريا حافظةً بذلك العهود وعشرة العمر.


مسلسل على حافّة الهاوية
(باسل خيّاط وقيس الشّيخ نجيب/ منصور ونادر)


منصور الشّاب المتعلم وغير الواثق بنفسه بسبب ضرب أبوه له وزرع بذور الخوف بداخله, ونادر الواثق رغم أنّه ميكانيكي سيّارات ولم يُتمم تعليمه.
تربطهم صلة قرابة إلّا أن الأمر يتعدّى ذلك, حيث يعتبران بعضهما أكثر من إخوة, فيُعجب نادر بابنة جيرانه “لوليا” والّتي بدورها تُعجب بمنصور فيرفضها دون أن يزعزع الأمر الثّقة المزروعة بين الصديقين, بالإضافة إلى أنّ نادر يزرع القوّة في منصور من خلال اقتراحه عليه بأن ينتسب إلى نادي مُلاكمة.
تتعرّض حياة منصور للخطر ويُصاب برصاصة ليسعفه نادر وينقذ حياته في اللّحظات الأخيرة.


مسلسل ورود في تربة مالحة
(سلافة معمار ولورا أبو أسعد/ مجد وديمة)


ركّز هذا المسلسل على مفهوم الصّداقة بشكل واضح من خلال “شلّة” من الصّبايا اللّواتي يَعْمَلن في مكان عمل واحد فتتشكّل بينهنّ علاقة قويّة قائمة على المحبة والاحترام, ولكن لم تكن خالية من بعض المصالح والخيانات الّتي بدرت من إحداهنّ ومن بين هؤلاء الفتيات كانت هناك صلة وثيقة بين فتاتين (مجد وديمة) وقد تماسكت هذه الصّداقة أكثر بعد زواج أخي مجد من ديمة ليصبح بينهما قرابة حقيقيّة, وتعاني مجد من عقليّة أخيها المتعنّتة والرّجعيّة الّتي تنظر للأنثى بعين الاستخفاف فيصل الأمر إلى حد المشاجرات والتّعنيف لتتّحد مجد مع صديقتها ضدّه وتكون الاثنتان سنداً لبعضهما وتمنعه كل واحدة منهما من ممارسة ذكوريّته المتسلّطة على الأخرى فالصّداقة أقوى وأبقى من أي شيء.


مسلسل سحابة صيف
(محمود نصر وأحمد الأحمد/ حازم وقصي)


يحصل أن تلتقي المتناقضات لتجمع روحين في صداقة دافئة, علاقة قصي ابن الحارات العشوائيّة والظّروف المعيشيّة الصّعبة مع حازم ابن العائلة الثّريّة والحياة المُنعمة المُترَفة, فلم تكُن علاقة قائمة على المصالح مطلقاً, وبرغم اختلاف الظّروف والبيئات والطّباع كانت صداقتهما مُحقّقة لمقولة الأقوى من كل الظّروف, فهنا فقط قد احتاج الغني الفقير ولجأ إليه بحكم الصّداقة, وحمى الغني الفقير من الموت عندما واجه سكّين غدر كادت تُصيب صديقه.


مسلسل انتقام الوردة
(جمانة مراد وشكران مرتجى/ ريم وليلى)


لا تعرف الصّداقة طبقات اجتماعيّة متفاوتة أو فروق مادّيّة فالغني صديق للفقير, هذا ما شدّدَ عليه مسلسل “انتقام وردة” الّذي خاطَ لنا حكاية ممتعة عن صداقة قويّة تجمع ريم وليلى, فريم فتاة ثريّة تلقّت تعليمها خارج البلاد بأرقى الجامعات وليلى فتاة فقيرة متواضعة الحال لكنّها الصّديقة المقرّبة لريم, حيث جمعت بينهما طيبة القلب والمحبّة دون النّظر للفروق الطّبقيّة المتفاوتة بل على العكس كانت الاثنتان عوناً لبعضهما في المواقف المختلفة مادّيّاً ومعنويّاً خصوصاً بعد مقتل والد ريم الّتي أُصيبت بعد وفاته بحالة انهيار أشعلتْ فيها رغبة الانتقام من القتَلة فساندتها صديقتها ليلى دون تَوانِ في هذه المصيبة وآزرتها بكل شجاعة لتنتصر معها على أعدائها في النهاية.


مسلسل الغفران
(باسل خيّاط ورامي حنّا/ أمجد ووليد)


صداقات الخدمة الإلزاميّة يُقال أنّها تحفر في الذّاكرة, الأمر الّذي شهدناه في علاقة أمجد ووليد, فقواسم مشتركة كثيرة جمعت بينهما وأهمها قواسم فكريّة و شغف في الأدب وحتّى الذّائقة الموسيقيّة, أمجد الشّاب العاشق ابن الطّبقة المتوسّطة ووليد الّذي يهديه منزله لعام كامل كهديّة زواجه, يقفان مع بعضهما في الأزمات ويتفهّمان طباع بعضهما حتّى يعرف أحدهما حال الآخر من صمته قبل شكواه فيجمعهما الحب بمعناه الأسمى والصّداقة بنكهة الأخوّة وصولاً إلى القرابة في النّهاية عندما يتزوّج وليد من أخت أمجد.


مسلسل جلسات نسائية
(نسرين طافش وأمل بوشوشة/ هالة و رويدا)


هالة الأرملة الجميلة الّتي تربّي ابنتها الوحيدة مضحيّة بشبابها لأجل تكريس كل اهتمامها بها, ورويدا المُطلّقة بسبب خيانات زوجها المتكرّرة.
صداقة وطيدة جعلت رويدا تقرّر البقاء في دمشق بعيدة عن أهلها دون أن تشعر بالوحشة والسبب في ذلك هالة وعائلتها الّتي تحتملها في كل ظروفها.
تقع هالة في علاقة حب موجعة وترفض الرّجل الّذي تحبه لأجل ابنتها ضاغطة على جرحها فتقف رويدا إلى جانبها وترشدها وتقدّم المشورة لها, في حين تكون هالة المحتوي الأوّل لخيبات رويدا من زوجها الخائن.


مسلسل قلم حمرة
(سلافة معمار وكاريس بشار/ ورد وهيفاء)


صداقات المرحلة الجامعيّة عندما تستمر حتّى الكَبَر لا يؤثّر بها اختلاف الميول والاتّجاهات دائماً, ورد الكاتبة و الأرملة هيفاء صاحبة المطعم صديقتان في تفاصيل علاقتهما ما يشبه أكثر صداقاتنا المقرّبة, الأسرار والشّكاوى المحرجة الّتي تخص الأهل والأبناء والّتي لا تُحكى لأيٍّ كان هي أمور شهدناها في هذه الصّداقة, فتمرّد ابنة هيفاء على أمّها وتخوّفها من علاقة حب جديدة تذكّرها بالماضي أمور تُعد من الخصوصيّات المحرجة عند ذكرها لمن هي في وضع هيفاء لكنّ ورد كانت دوماً السّند القوي والمشجّع على البدء من جديد, وبالمقابل التّعذيب والاغتصاب الّذي تعرّضت له ورد في سجنها كان سرّاً لا يُباح به لكنّ هيفاء هي السّند الّذي تحتاجه ورد بكل قوّتها.


مسلسل هومي هون
(باسم عيسى وأحمد الأحمد وديمة قندلفت/ فخري وفيديل ومايا)


الصّداقة الثّلاثيّة الّتي تجمع شابّين في نفس البيت مع ابنة جيرانهم ليعيشوا مغامرات متنوّعة ويحيكوا المؤامرات على أهليهم بشكل كوميدي لطيف, فيتّحدون لعَمَل مقالب لا تخطر على بال أحد تجعلهم في حالة من العقوبات المستمرّة.
تطرح هذه الصّداقة أفكاراً متنوّعة من خلال مناقشة الأمور المتعلّقة بالطّموحات والشّهرة والحب وغيرها من المواضيع الّتي تهم الشّباب فيعرض كل منهم وجهة نظره للآخر, بحُب لم يكن خالِ من بعض المناوشات اللّطيفة.


الصداقة في أمثلة عشر شهدناها في الدراما، قد تذكرنا كل منها بصديقة قديمة أو صديق مازالت حكايتنا مستمرة معه، أمثلة درامية واقعية أثّرت في وجداننا في كثير من الأحيان وكانت “سكر” درامانا التي أحببنا يوماً ونفتقد لها دوماً