يا سيف .. نحن الخاسرون

سواء وصل النبأ عن طريق تسجيل صوتي أو عبر منشور افتراضي على منصات التواصل أو في حديث عابر مع صديق. فإن “الاعتزال” كان ولا زال الحدث الفني الأبرز في حياة أي فنان عربي أو عالمي. حيث يحمل في طياته رسالة مبطنة مفادها أن موعد الرحيل عن الشاشة قد أزف. وبعد هذا القرار سيغدو ظهور الفنان في الإعلام قائم على الأرشيف الذي قدمه خلال سنوات فنه وليس أكثر.
قبل يومين، طالعنا نبأ نية المخرج سيف الدين سبيعي الاعتزال وكما بدا في المقال الذي نشره الصحفي وسام كنعان في جريدة الأخبار أن نية سيف جدية وليست المرة الأولى التي يبوح فيها لأصدقائه بما يدور في ذهنه، إلا أن اللافت للنظر في الساعات التي تلت نشر المقال هو عدم تأكيد الاعتزال فبدا وكأن سيف قد أضاء إشارة المرور الصفراء في طريقه الفني ولم يصل للحمراء بعد.
أصدقاء سيف في الوسط الصحفي والفني تصدروا المشهد بسرعة ونشروا على صفحاتهم منشورات داعمة لسيف اشتركت جميعها بهاشتاغ #لاتعتزل_يا_سيف منهم من دافع عن مشروع سيف الفني في التمثيل والإخراج والممتد لأكثر من خمس عشرة سنة. والبعض الآخر حاول مواساة سيف وإيجاد المبررات له كما كتبت النجمة أمل عرفة: أنتم السابقون ونحن اللاحقون.
المثير للاهتمام أن سيف ما زال في مقتبل العمر فما الدافع للانسحاب من الساحة الفنية في منتصف الطريق. لربما نجل ابن الشعب هو أقدر من يجيب على هذا التساؤل. لكن وبالتزامن مع ذكرى الرحيل الأولى لوالده رفيق سبيعي عن الحياة فإن الفقد سيكون مرتين، خاصة وأن سيف حامل الإرث الفني لهذه العائلة بعد وفاة شقيقه عامر قبل عامين.


فنحن يا سيف خاسرون في عز محنتنا، لا تلتئم جراحنا حتى يفتح الزمن ثلم آخر. فإذا تخلى الجميع من سيحفظ للدراما السورية رمقها الأخير وهي تحتضر؟.
نحن خاسرون لأن مشروعك الفني لم تقيّده جهة أو يدخل في تصنيف. فلم يحمل الإلغاء ولم يهمّش السوري في الداخل أو الخارج بل لربما تحدث أكثر مما تحدث الآخرون ممن تصدروا الشاشة لسبع سنوات.
نحن خاسرون لأنك خفيف الظل الذي انتقل من أمام الكاميرا إلى خلفها فقدّم صورة بصرية مريحة. ولم يسمح للمسيئين أن يقتحموا عالم الدراما أكثر، والدليل انتقائيتك العالية للممثلين الشباب في أعمالك ولا سيّما قناديل العشاق.
نحن خاسرون لأن الدراما السورية كما الفن الوجه الأرقى للحياة لا يحتمل خسارة مخرج سوري جديد في ظل الترهل الشديد لمفاهيم الإخراج والصورة والرؤية.
في غمار ذلك قرار على شفا التنفيذ أو عدمه، قد لا ينفع استجداء المشاعر. فأبسط رد قد يجيبه سيف أو كل من فكر مثله بالاعتزال: جرّبوا أن تخرجوا حلقة واحدة في عمل سوري ضمن الوقت الراهن، أن تدخلوا عملاً مباعاً لعشرين فضائية قبيل رمضان بأيام، أن تطلبوا بالاسم إلى الخارج وتعاملوا كأقل فني شأناً في العمل. حينها ستكون “الهيبة” التي نصدرها في الاسم عن درامانا هي ليست سوى كليشيه ندفن خلفه جميع هزائمنا!!