المشاهير.. ضحية تواصل “غير” اجتماعي

Some YouTube stars seek counseling and take breaks from online life to deal with symptoms of anxiety.

إعداد: محمود المرعي وجوان الملا 


أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مرتعاً لكل من هَبَّ ودَبّ ليدليَ بآرائه دون حسيب أو رقيب ودون أي مراقبة ذاتية لما يتفوه به فمه أو تخطه يده، وكأن هذه المواقع الممهورة بألوان لم نتدخل في اختيارها، جاءت لتفرّغَ عقداً نفسية تتملك بصاحب التعليق منذ فترة وأراد تفريغها كيفما شاء فلم يجد أمامه سوى شاشة جوال أو حاسوب وموقعاً يسمح له بهتك أعراض البشر والتهكم على أذواق الناس.

بضعة نقرات على لوحة المفاتيح تتيح لأيّ فرد كان الحكم على الشّخص المعني بالمنشور أو الصورة بالغرور، أو الخيانة، أو قلّة الأخلاق، وأحياناً تصل إلى حد إطلاق الألفاظ النّابية!! عدا التّشابيه غير الإنسانية الّتي تُطلق عليهم (طالع متل القرد.. طالعة متل عصاية النّشافة) وغيرها الكثير من الأمثلة.

الضحية الأولى في هذا السياق وغالباً هم المشاهير من نجوم فن ورياضة وإعلام وحتى كتّاب ورسامين. حيث ينال هؤلاء الأشخاص من التعليقات المسيئة كمّاً هائلاً من الشتائم والسُّباب لمجرد أن هذه الفنانة لم تَرتدِ اللباس المناسب لمزاج صاحب التعليق أو الزي الذي اعتاد هو على رؤيته في بيئته المنغلقة، وحتى الاختلاف السياسي والديني لم ينجُ من تعليقات المسيئين الذين يرفضون أي اعتقاد مغاير لاعتقادهم أو رأي مخالف لمفاهيمهم.

كلمات يكتبها أحدهم وهو مستلقٍ على أريكته، هاتفه النّقال في يد، والنرجيلة باليد الأخرى، يكتب كلماته السّامة ويذهب غير مبالٍ بشيء، تاركاً أحد المشاهير في مكان آخر يبرّر تلك الكلمات لمن حوله.

النجوم بدورهم باتوا يتعرضون يومياً لهذه المواقف دون أن يحميهم قانون يرد اعتبارهم إذا نظرنا من الناحية القانونية أو من أخلاق غير متوافرة لدى الفاعل إن كان الميزان في الحكم هو المعيار الخلقي المترنح بقوة ضمن المجتمع العربي وخاصة السوري في ظل الحرب، فأقصى ما يمكن للنجم فعله هو مجرد “حظر” فقط للشخص المسيء الذي قد يدخل من حسابات وهمية أخرى ليتابع لهوه الطفولي من جديد

عملياً أصبح الفنان مستباحاً للجمهور وعليه أن يلبس على ذوقه ويُمنَع عليه التمرد أو التصريح برأي مخافةَ التجريح الذي قد يناله، والتهديدات التي قد تصل إلى حد التهديد بالقتل. كما يجب عليه احترام العرف السائد والانغلاق العربي الذي نحن فيه، فقائمة الممنوعات عنده كثيرة ومتعِبة.  حيث يحاول “النجوم الحقيقيون” فعلاً المحافظة قدر الإمكان على صورتهم في عيون الناس، ولكن  مع ذلك إرضاء الناس غاية لا تُدرَك.

وإذ لا ننفي في الطرح السابق أن هناك الكثير من المتسلّقين على الفن ولا يمتّون له بِصِلة، إنَّما أخطاء هؤلاء لا تعني التّعميم على كل أهل الفن. فهم في النهاية مجموعة أشخاص يمتلكون مشاعر مختلفة، كأيّ شخص آخر تفرِحه بعض الكلمات وتزعجه كلمات أخرى.

صورة التعدي بالعموم لا تقتصر على المشاهير فقط، فأي مستخدم آخر على الفيس بوك مثلاً، سيلقى نصيبه إن قام بتصوير نفسه بطريقة لا تروق للجميع، علماً أنه قد نشرها على صفحته الشخصية أي ضمن حيزه الحر كما توهمه منصات التواصل عبر عبارات “بماذا تفكر” “عبّر” وغيرها، لينام ويستيقظ فيجد نفسه حديث المجتمع في طريقة مبالغ بها، تجعله يتمنَّى لو أنه لم يكن موجوداً في الحياة!!

خلاصة القول: إن مشاعر الفنّان أو أي شخص يعيش تحت الضوء هي كمشاعرك أنت عزيزي القارئ، لا يجب أن تكون مستباحةً من قبل الجميع، خاصةً أنهم اختاروا مهنةً تجعل من حياتهم ملكاً للجميع متنازلين بذلك عن خصوصيتهم في سبيل إسعاد الناس و تحقيقاً لحلمهم الذي عملوا جاهدين عليه.

فهل سيأتي يومٌ ما يجد فيه المشاهير أنفسهم محاطين بقوانين تردع كل متطفل مسيء يتلفظ بعبارات لا تحترم خصوصيتهم ولا أذواقهم ولا أشكالهم أحياناً سواء على حساب الفنان الرسمي على مواقع التواصل أو الصفحات الأخرى التي تنشر صورهم؟ أم ستبقى حروب الكلمات المزعجة سيدة الصفحات التي غصّت بهذه الأصناف الغريبة من البشر؟ والتي باتت تقتات على وضع رقبة المشهور على مقصلة الجمهور “الافتراضي؟!