ماذا لو كان “المجرّد” سورياً؟!

 

 

لم يكد يمضي يومان على تحميل  أغنية الفنان المغربي سعد المجرد الجديدة Let Go على موقع اليوتيوب، حتى تخطى عدد مشاهدات الكليب الغنائي عشرة ملايين مشاهدة. وهي الأغنية الأولى التي يطلقها المجرد بعد توقفه عن الغناء لعدة أشهر إثر سجنه في باريس على خلفية اتهامه بقضية اغتصاب.

المجرد الذي حظي بتعاطف واسع من أصدقائه الفنانين ومن الجمهور المغربي خاصة والعربي بصفة عامة، حظي أيضاً بتكريمات خلال فترة سجنه وظلت أغنيتيه “معلم” و “غلطانة” تحصدان الجوائز أيضاً. فما إن عاد حتى التهبت مواقع التواصل بأغنيته وتحولت الأنظار إلى منصة اليوتيوب التي عاد من خلالها المجرد ليشكر في نهايتها ملك المغرب والرعاية التي نالها عبر سعي حكومته لإخراجه من السجن كما شكر سعد والديه وجمهوره الكبير. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وبعدما شكل المجرد هذه القاعدة الشعبية على امتداد الوطن العربي: ماذا لو كان المجرّد سورياً؟!

في حالةٍ كهذه علينا إعادة النظر بكثير من المواقف السابقة التي تعرض لها المجرّد وخاصة في مجال الدعم الشعبي والتفاعل الاجتماعي مع قضيته عبر عدة نقاط:

  • الموقف السياسي: لاشك أن المجرد لو كان سورياً سيمتلك موقفاً سياسياً علنياً أو يثبت له موقف من الجمهور السوري الذي كان سيتمرس في البحث عن إشارة تصنفه في خانةٍ ما، وبالتالي حين يُسجن سيقسم الجمهور بين مناصر لقضيته من باب التعاطف عبر موقفه السياسي، وشامت بسجنه من الطرف السياسي المقابل لرأي المجرد فضلاً عن الفئة الرمادية التي ستطالب بالنظر إلى قضية المجرد بعيداً عن الأطراف السياسية مع جرعة من التذمر من الأدلجة السياسية لقضية سعد.
  • مكان إقامة سعد: لو كان سعد سورياً سيصطف الجمهور حسب مكان إقامته فلو كان مقيماً في الداخل السوري ويخرج في حفلات ويعود إلى البلد سيقذف من باب ” شو مخليك بالبلد لهلق” وفي حال كان خارج الوطن سيهاجم من منطلق ” لو فيه خير ما رماه الطير”!!
  • نمط غناء سعد: وأخيراً سينظر السوريين إلى جانب فني في قضية سعد ولكنهم سينقسمون عليه أيضاً. فهناك من سيبصر سعد كنمط غنائي مستهجن يسيء للذاكرة الفنية السورية ويعبث بالجيل الجديد، وهناك أيضاً من سيتبسل بالدفاع عن سعد من منطلق التمرد في الأغنيات والخروج عن المألوف. الحصة الأكبر من الجمهور ستنقسم حول ظاهرة سعد المجرّد عبر محبيه من باب أنه سعد المجرد وليس لأي سبب آخر أي ما يسمى “القطيع الأعمى” وهناك بالمقابل الرافضين لمبدأ الظواهر ممن يتلذذون برشق كل ظاهرة جديدة بمسمى الفقاعة التي ستتلاشى بعد قليل.

وإذا ما أردنا التفنيد أكثر فإن السوريين في لهاثهم على مواقع التواصل سيفتحون أبواب جديدة للتصنيف فيما إذا كان سعد ابن مجتمع مرفه مخملي تربى على الانفتاح المبالغ فيه أو ابن طبقة فقيرة وصل للثراء عبر فنه. أو إذا كان ابن ريف أو مدينة. وما إذا كان تعلم في الخارج أو في مدارس الحكومة، وإذا ما كان قد أظهر علمانيته أو تمسكه بالدين. ولن ننسى إذا ما ناصر أقلية جنسية أو مجتمع مدني أو منظمة دولية ما.

كل ذلك كان سيحدث وربما أكثر فيما لو شكل سعد مثار حديث يتراشق حوله السوريون على مواقع التواصل. فهل نحن اليوم دعاة انقسام واختلاف؟ وما بات يفرقنا أكثر بكثير مما يجمعنا؟! أم أن السوريين بعد ست سنوات من الحرب لم يتخطوا بعد حاجز إلغاء الآخر المسبب في الفوضى من وجهة نظر كل سوري على اختلاف المسبب لكل فرد، لذا نجدهم يزدادون انقساماً في الآراء ليس تجاه قضاياهم فحسب بل اتجاه مواضيع وقضايا محلية وعربية ودولية في كثير من الأحيان لا يقدم إبداء رأيهم فيها ولا يؤخر، وقد يأتي كحالة إنكار أو تخلي عن قضاياهم وأولوياتهم التي يجب أن يهتموا بها. وببساطة قد نعثر في صفحة من الصفحات الفنية السورية على خبر يخص قضية سعد المجرد وتطالعنا التعليقات المتضادة حوله التي ستخرج عن إطار سعد وتتحول إلى ندية شخصية بين المعلّقين.

سعد في هذا المقال ليس إلا مثال مفترض والنقاش ليس بأي شكل من باب التهجم على فنه أو نقد ما يقدمه. بل ربما تمني حقيقي لو نشهد تكاتف سوري حول قضية ما كما شهدنا تكاتف المغاربة مع قضية ابن بلدهم في مواقع التواصل ولو كانت قضية شخصية لمُغـنٍّ ليست أكثر.. فما بالكم بوطن مستقبله بأكمله على المحك!!