لماذا كل هذا الشغف نحو الريماوي؟!

متابعة: لين حمدان – إعداد : فريق ETSYRIA

“قلبي عليك.. من فتنة في يديك
أخذتني منك.. و لم تعدني إليك”
فهل أخذونا من بعضنا؟؟ لكننا مهما افترقنا، لابد من طريق للرجوع.. ربما يكون هذا الطريق هو الموسيقى.
الحكاية بدأت البارحة أو قبل أسبوع ربما حين أثبت الموسيقار السوري إياد الريماوي بأنه تجاوز حدود الفئة والنخبة وأصبح جماهيرياً وشعبياً برُقيّ ودون ابتذال.
هنا ليس حفلاً يقتحمه الطبل والأورغ، فلن تسمع موسيقى تؤذي أذنك ولن تلهث خلف مفاتن فنانة وإن كان صاحب الحفل ذاته قد دخل سوق اللحن التجاري قبل أشهر لفنانة صاعدة.
ثلاثة ألاف وخمسمائة شخص هو الرقم التقديري لمن حَضَر حفل إياد الريماوي في المسرح المكشوف بمشروع دمر، إلا أن الراغبين بالحضور كانوا أكثر بكثير وبعدة أضعاف. وهذا ما يفسر لحدٍّ ما نفاذ البطاقات أول ساعتين من بيعها في مركزي التوزيع بالأمويين ومشروع دمر. الأماكن كانت محدودة ومن لم يحضر شعر فعلاً بأنه خسر الكثير عبر تفاعل كبير شهدته مواقع التواصل الاجتماعي، ولو حدث فعلاً وحضر جميع من رغب فإن حالة تدافع جمهور بهذا الكبر إلى حفل ليستمع لموسيقى معزوفة فقط هو أمر مبشر بالخير.
الحفل الذي انطلق متأخراً نصف ساعة عن موعده المقرر، امتلأ بأضواء المسرح التي شوهدت في كافة أنحاء مشروع دمر فضلاً عن العشرات من أضواء فلاشات الأجهزة المحمولة والتي تسابق أصحابها بالبث عبر خدمة اللايف في الفيسبوك.
شهد الحفل عزف لأهم مقطوعات الريماوي التي عُرفت كشارات للمسلسلات الدرامية كما شاركه الغناء كلاً من كارمن توكمه جي في أغنيات “قلبي علينا” و”سفرني عأي بلد” وليندا بيطار في أغنية “بياعة الزنبق” وغادة حرب في شارة مسلسل أوركيديا أحدث أعمال الريماوي.
إلا أن التفاعل الأكبر كان مع أغنية الندم في مشهد قلّ ما برز في سوريا خلال سنوات الحرب، وكان الأثر الأكبر أنها أغنية صنعها أشخاصٌ ذو مواقف سياسية مختلفة وتقديمها على مسرح داخل دمشق بهذا التفاعل يبعث شعوراً طفيفاً بالأمل بدلاً عن تجذر الإلغائية.
ولكن هل هذا التفاعل الجماهيري مع الحفل يدل على أننا بتنا نحب الموسيقى المصنوعة بعناية أكثر؟ وصرنا نستنشقها وسط ضجيج التلوث السمعي القاتل؟ وغدت تدخل مسامنا حقاً بانسياب؟ أم ما حدث هو تجسيد مرئي لظواهر الفيسبوك وحب التقليد وأننا صرنا حقاً مدمني ظواهر بسبب الحرب وأثرها العميق الذي تظهر انعكاساته بفجاجة؟! إن كان بسبب ذلك حقاً أم لا فهذه الروح اشتاقت لما كان قبل هذا الدمار رغم اختلاف مستويات تذوق الجمهور للموسيقى وفهمه لأبعادها ورسائلها العميقة.
وبذلك سواءً اختلفنا مع الهوس الفيسبوكي أم اتفقنا فنحن أمام محاولة ناجحة من الريماوي ومن رافقه من فنانيين وموسيقيين بأن يتركوا بصمة إيجابية في صفحة هذه الحرب المشؤومة. وإياد اسم سوري خير من ألّف في الموسيقى بين الجميع منذ مشروع (كلنا سوا) وسيستمر طالما هناك من يشتاق لبياعة الزنبق ويندم على فتنة القلوب التي صنعتها الأيدي ويحلم بيوم يضب فيه الشناتي نحو العودة.