إذا كُنتَ منتجاً.. فأيّ هذه الأنواع أنت؟!

 

بقلم الإعلامي: سومر إبراهيم

 

واهمٌ من يعتقد أنَّه مطمئنٌّ اتجاه الموسم الرمضاني القادم، خاصةً بعد العثرات المتكررة التي وقعت فيها الأعمال الدرامية السورية خلال المواسم السابقة. الكثيرون اعتقدوا أنَّ الموسم المخيِّب الأخير قد يدفع الكثير للانكفاء أو التريُّث قليلاً قبل الدخول في غمار عملٍ جديد، ولكن من الواضح أنَّ المنتج السوري مصرٌّ على المضي في رهانه على خياراته -بأن يُنتِج- دون أن نتبيَّن حتى الآن قيمة المُنتَج بانتظار عرضه.

ضرب المنتج السوري الفريد من نوعه عرض الحائط بالثالوث المقدَّس، الذي حكم العمل الدرامي عبر العصور وما زال يحكم الجيد منه حتى الآن والمتمثِّل بــ: النص، المخرج، الممثل.

وأصبحت المعادلة الدرامية التلفزيونية السورية على الشكل التالي: المُنتِج، المُنتِج، المُنتِج، والثالوث السابق يأتي لاحقاً.

هذه المعادلة توضِّح سبب استباحة رأس المال الجاهل “فنياً” للساحة الدرامية السورية، وتحكُّمه في صناعة الدراما في الحقبة الأخيرة.

إذاً ما الذي يريده المنتج، أو يدفعه يا ترى لإنتاج عملٍ درامي؟ 

يتنوَّع دافع المنتجين في هذا الصدد باختلاف مهنتهم الأساسية، وباختلاف قيمة رأس المال لديهم وهنا يتوضَّح لدينا أربعة اتجاهاتٍ رئيسية لدى المنتج:

أولاً: المنتج الذي يسعى ربما لعملية غسيل أموالٍ سريعة تستدعي قيامه بعملٍ يحتاج لكميةٍ كبيرة من المال. هذا المُنتِج عموماً لا يلقي بالاً للنتائج الفنية وفي كثيرٍ من الأحيان يسلِّم زمام أموره إلى شخصٍ آخر يعتمد عليه لإدارة رأس المال إنتاجياً. هنا تظهر لنا أعمالٌ درامية باذخة المصاريف تتميَّز بأنَّها جوفاء فنيا،  وهذا بالضبط المطلوب تماماً لدى هذا النوع من المنتجين.

ثانياً: المُنتِج الحكومي؛ أي العملية التي تقودها مؤسسة رسمية حكومية،  وتتجه هذه الجهة أغلب الأحيان للتفكير في تشغيل أكبرٍ عددٍ ممكن من العاملين في هذه المهنة اعتقاداً منها بأنَّها تقوم بالمهمة التي أُحدِثَت من أجلها، ناهيك عن هامش “الواسطة” التي تلعب دورها في هذه المؤسسات أسوةً بباقي المؤسسات الرسمية، وناهيك أيضاً عن عدم مرونتها الادارية وخاصةً بالقدرة على اتخاذ قرارٍ خارج النُظِم والقوانين المتبعة لديها. هذا النوع من الإنتاج مهمٌ لإحداث توازنٍ في السوق وتغليب الكيف على حساب الكم. ولكنَّه لم يستطع حتى الآن أن يجاري الإرث الدرامي الهام والمميَّز الذي قدمه التلفزيون السوري بنتاجاته القديمة قبل بدء الألفية الثالثة.

ثالثاً:  المُنتِج الحديث أو المُنتِج “الصيني”، وهو توصيفٌ بات يُطلّق على المنتجين أصحاب رأس المال القليل،  والمميزين بإنتاج الأعمال الدرامية الرديئة. يراهن دائماً هذا المنتج على قدرته في تسويق أعماله على المحطات التلفزيونية الحكومية،  و ينجح بذلك في كثيرٍ من الأحيان اعتماداً على أسباب كثيرة لسنا بوارد ذكرها الآن. هذا المُنتِج يبقى يراوح في مكانه، و مستواه،  وينتهي به الأمر إلى التوقُّف عن العملية الإنتاجية لاحقاً، ولو طال به الزمن قليلاً بعد أن يخسر ما لديه، وغالباً يعود إلى مهنته الحقيقية السابقة لمهنة الإنتاج الدرامي.

رابعاً: المُنتِج الواعي صاحب المشروع الفني.  هذا المُنتِج على ما يبدو بات من الأمنيات، إن لم نقل أنَّه بات حلماً أيضاً. هذا المُنتِج إن ظهر من الغيب لاحقاً سيكون سفينة نجاةٍ للدراما الوطنية السورية، ومركباً يعود بها إلى الساحات الدرامية العربية من جديد رغماً عمَّا فرقته “السياسة”، وتضارب المصالح الذي شهدناه في السنوات الأخيرة.

ربما يخطر لنا خلال قراءتنا لأنواع المنتجين السابقين أنواعٌ أخرى لم نأت على ذكرها، ولكن تأكَّد عزيزي القارئ والمهتم أنها سوف تدور في فلك إحداها حتماً، فالسنوات العشر الأخيرة رسَّخت اتجاهات المنتجين ودوافعهم بما لا يدع مجالاً للشك.