بين حكم الهوى وأهل الغرام.. لا حب في دراما هذا الموسم

متابعة جوان الملا- مراسل دمشق

طالعنا شهر رمضان بمسلسلَين سوريَّين يعنيان بقصص الحب و الغرام ضمن سياق درامي اجتماعي خفيف، وهما ثلاثيات “حكم الهوى” للكاتبة ريم عثمان والمخرج محمد ياسين وقاف وخماسيات “أهل الغرام” المسلسل الشهير الذي عاد بعد غياب بست خماسيات لكتّاب سوريين مرموقين منهم “ريم حنا” و”نجيب نصير” و”إياد أبو الشامات” ومشاركة مميزة للدكتور ممدوح حمادة وتناوب على إخراج الخماسيات “حاتم علي” والمثنى صبح” و”الليث حجو”.

إذا عدنا بالذاكرة نلمح كيف استطاع “أهل الغرام” بجزأيه تحقيق نجاحات ملحوظة، فمازال حتى الآن العمل الأشهر بحكاياه البسيطة الهادفة المليئة بالمشاعر الراقية ولم ينافسه بذات الملعب سوى أعمال قليلة أشهرها مسلسل “سيرة الحب” الذي أيضاً حقق نجاحات كبيرة بدوره.
وبعد غياب سنوات قررت شركة سامة العودة للسوق الإنتاجي عبر موسم ثالث من أهل الغرام ومن خلال نجوم سوريين كانوا جزءاً منه في بداياته يوماً، العمل على الأرض لم يلقَ صدىً واسعاً كما كما كان يحصل سابقاً وكما كان متوقعاً، فبعد أن عُرِضَ على قناة OSN المشفرة بثّ في رمضان على قناة LDC اللبنانية فقط خلال فترة الظهيرة، فلم يلتفت إليه الكثيرون وانشغلوا بالأعمال ذات الصيت الأوسع والأشهر تسويقياً.

لكن ربما ليس هذا السبب الوحيد في ابتعاد المشاهد عن خماسيات الغرام، فالعمل قد وقع في فخ الإطالة في خماسياته التي كان من الممكن أن تنتهي في حلقتين أو بثلاثية فقط، حيث امتلأت الخماسيات بمشاهد صامتة وفتور واضح لا مبرر له، على الرغم الرؤية البصرية و التقنية العالية في الإخراج وضخامة الإنتاج وحسن أداء النجوم فيه إلا أن البساطة التي عوّدنا عليها العمل زالت، فأفقدت هذا الجزء لذة مشاهدته سيّما أن التصوير تمّ في لبنان وفي أفخم البارات والمطاعم والبيوت وكأنه يتجاهل صعوبة عيش السوريين هناك ومعاناتهم. فلم يتطرق العمل إلا للشخصيات البرجوازية أو الطبقة الثرية من الشعب فقط بعد أن كان في جزئه الأول وحتى الثاني يتناول حب البسطاء والفقراء الباحثين عن استقرار عاطفي ضمن مجتمع تقتلُ عاداته وشظفُ عيشه علاقاتِ الحب، و قد همّش العمل العلاقات الأسرية فلم نجد للأبطال أباً أو أماً أو أخوات إلا في حالات ضرورية تفيد النص فقط.

وقد يكون من المجحف مقارنة مسلسل “حكم الهوى” بـ “أهل الغرام” كون الأخير ذو إخراج مميز ونصوص قوية، إلا أنه كان من الممكن أن تكون الخماسيات ثلاثاً كما فعل “حكم الهوى” الذي لم يبالغ في إطالة اللوحات وأنهاها بطريقة مبسطة، النص احتوى بدوره ركاكة واضحة في بعض الثلاثيات ولم يخلُ من “التنظير” الذي أصاب معظم الأعمال، لكنه بنفس الوقت دعا لمحاربة عادات وتقاليد اجتماعية فاشلة أودت بالمجتمع للحضيض، حيث ظهر كتجربة أولى جيدة للكاتبة ضمن رسائل جميلة رشيقة إلا أنها “طفولية” الطرح إجمالاً. فربما لو كان الإخراج أكثر حنكة لاستطاع العمل الاستحواذ على نسبة جمهور أكبر. المخرج بدوره اعتمد على الوجوه الجديدة الشابة التي لم تتمرس بحرفية الأداء بعد باستثناء القليل منهم، فلم يؤدوا الإقناع المطلوب ولم تصل إلينا التعابير المطلوبة كي نتفاعلَ معها، كما لم تحسِنْ كاميرا “وقاف” اختيار اللقطة كما يجب ولم يقدر على إبراز جمالية وجوه نجومه الذين اختارهم مما ساهم في هشاشة النص أكثر.
نستطيع القول إن العملَين لم يجدا تلك المكانة الكبيرة في نفوس المشاهدين، فمواطن الضعف الواضحة قد أثرت بعرضهما رغم محاولة للتغريد في الدراما خارج سرب دراما الحرب أو التسطيح والدخول لأبعاد الواقع. فضمن أهل الغرام كان لا شك من توفر خيالات وردية منطقية أحياناً وغير مقنعة أحياناً أخرى في ظل غياب شبه تام لفرضية الحب وجذوته أو عبر استنساخ الحب بمفاهيم العصر المعقدة أصلاً، أما حكم الهوى فبدا طازجاً يحمل الحيوية لكنه يفتقر لقوام يجعله متماسكاً فلم يقنع كقصة حب متماسكة ولم يذهب للطرح الكوميدي الخفيف كما قدم مسلسل هيك تجوزنا وبعض حلقات سيرة الحب.
في المحصلة الدراما لم تفلح في استبناط مشاعر الحب من داخل المشاهد خلال سنوات الحرب إلا في استثناءات قليلة، فكيف ستفلح في تقديم الغرام بقصة واقعية دون تنظير أو انفصال عن المحيط؟!